برزت تحركات روسية جديدة على مستوى الملف اليمني، مع تصريحات مندوب روسيا لدى مجلس الأمن التي طالب فيها بريطانيا بـ«التخلي عن الملف اليمني»، بالإضافة إلى لقاء مسؤولين في «أنصار الله» بالقائم بأعمال سفير روسيا في صنعاء الذي أكد استحالة نجاح الخيار العسكري.وفي لقاء هو الأول، اجتمع القائم بأعمال السفير الروسي أندريه تشرنوفول مع مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب السياسي لـ«أنصار الله» حسين العزي، صباح أمس في صنعاء، وناقشا التطورات السياسية والعسكرية في الملف اليمني الذي يحتل مساحة واسعة في الاهتمام الدولي حالياً. وفي خلال اللقاء عرض العزي الاختلالات الجوهرية المتعلقة بمضمون خريطة المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ التي قدمها أخيراً للأطراف اليمنية كأرضية للحل السياسي.
وفي المقابل، عبّر القائم بالأعمال الروسي أولاً عن استيائه من استهداف المدنيين، مذكراً بأن روسيا تدعو دائماً إلى التزام احترام القانون الدولي الإنساني واتخاذ كل التدابير لحماية المدنيين وتجنب استهدافهم. وفي غضون ذلك، أشاد تشرنوفول بما وصفه «التعاطي الإيجابي لوفد أنصار الله والمؤتمر مع خريطة ولد الشيخ»، معتبراً عدم رفض الوفد للخريطة ووصفها بأنها أرضية صالحة للنقاش يكشفان عن جاهزية واضحة للسلام.
اتهمت «أنصار الله» ولد الشيخ بمساعدة الجلاد ضد الضحية

وبشأن الملاحظات على خطة ولد الشيخ، أشار القائم بالأعمال الروسي إلى إمكانية مناقشتها على طاولة المفاوضات، حيث يمكن حينها استيعاب أي ملاحظات منطقية تخدم بناء الثقة أو تدعم نجاح المفاوضات، مؤكداً سعي روسيا الدائم إلى العمل الدولي المشترك لدعم جهود السلام ومساندتها من منطلق قناعتها باستحالة الحل العسكري. وقال تشرنوفول: «الحل السياسي في اليمن هو الخيار الممكن والصحيح»، متمنياً أن تستأنف المفاوضات بجدية وفاعلية.
جاء اللقاء بعد ساعات من موقف روسي مختلف في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، هاجم بريطانيا ودورها في الملف اليمني. ودعا مندوب روسيا في المجلس فيتالي تشوركين، لندن، إلى التخلي عن هذا الملف. وكان تشوركين قد اتهم المملكة المتحدة بأنها «أكبر المستفيدين من الحرب الدائرة في اليمن».
تشوركين وخلال اجتماع المجلس أول من أمس الخاص اليمن، قال إن بريطانيا التي تعد في العادة مشاريع قرارات أو بيانات حول اليمن، «لا يمكنها أن تشرف على هذا الملف في مجلس الأمن الدولي بسبب مصلحتها في استمرار الحرب». وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن لندن صدّرت منذ آذار عام 2015 الماضي أسلحة إلى المنطقة يقدر ثمنها بما يقارب خمسة مليارات دولار، لافتاً إلى أن ثمة مدنيين يقتلون نتيجة استخدام هذه الأسلحة، مذكراً بقصف التحالف الذي تقوده السعودية مجلس عزاء في اليمن في الثامن من الشهر الماضي، وأدى إلى مقتل 140 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 500 آخرين بجروح.
وكشف تشوركين خلال مداخلته في جلسة المجلس أن موسكو «لم تؤيد مشروع قرار أعدته بريطانيا بهذا الشأن، لأنه كان ضعيفاً»، مشيراً إلى أن مشروع القرار لم يحدد الجهة المسؤولة ولم يدعُ إلى إجراء تحقيق ومعاقبة المسؤولين. كذلك، أفصح المندوب الروسي عن أن دولاً جديدة تستعد الآن للانضمام إلى مجلس الأمن الدولي، ومن الممكن أن يتولى أحد الأعضاء الجدد في المجلس الإشراف على الملف اليمني بموضوعية ومسؤولية بدلاً من بريطانيا.
في هذه الأثناء، هاجم المتحدث الرسمي لـ«أنصار الله» ورئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام الأمم المتحدة ومبعوثها إسماعيل ولد الشيخ، بسبب إحاطة الأخير أمام مجلس الأمن، وتبنيه اتهامات «التحالف» باستهداف القوات اليمنية مكة المكرمة. ووصف عبد السلام في تصريح ساخن عبر «تويتر» دور ولد الشيخ بأنه تقديم غطاء لدول العدوان، ومساعدة الجلاد ضد الضحية وإطالة أمد الحرب. وأضاف: «كان لافتاً حديثه كذباً وزوراً وافتراءً عن استهداف مكة المكرمة والمقدسة مع أننا أبلغناه سلفاً ببياننا المعلن، ووضحنا فيه كذب هذا الادعاء جملة وتفصيلاً»، معتبراً أن ولد الشيخ بهذه الاتهامات «قد خالف مهمته كمبعوث سلام، وتحول إلى مؤجج للحرب يمارس الشحن الطائفي والمذهبي من منبر يفترض به أنه أممي»، بحسب قوله.