كثيرة هي الأشياء التي تدعو إلى التفاؤل قبل لقاء منتخب لبنان مع سوريا الساعة 19:00 من مساء اليوم في العاصمة الأردنية عمّان. هناك يطفو التفاؤل بمجرد ذكر اسم ملعب الملك عبد الله الثاني في القويسمة حيث عاش لبنان أمسية جميلة مطلع شهر أيلول من عام 2018 عندما هزم مضيفه منتخب «النشامى» بهدف عمر شعبان «بوغيل» في مباراةٍ وديّة.هذه المباراة لم تكن مجرد محطة عابرة بل إنها عزّزت سلسلة مباريات لم يتذوّق خلالها منتخبنا طعم الهزيمة مع المدرب المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش، ليدخل إلى كأس آسيا بمعنوياتٍ مرتفعة حصدها من محطات عدة، ومنها المحطة الأردنية حيث سيكون لبنان الليلة في ملعبٍ يعرفه جيّداً ويستبشر به خيراً.
التفاؤل لا بدّ أن يكون حاضراً أيضاً عند الاطلاع على الوضع العام للمنتخب السوري، الذي لا يعيش جوّاً مختلفاً عن ذاك الذي عرفه نظيره العراقي عشية اللقاء مع «رجال الأرز»، فكان التعادل الذي منح لبنان نقطةً في وقتٍ لم يكن فيه بعيداً عن الخروج بالنقاط الكاملة للمباراة.
هو أمر سيكون متاحاً أيضاً في مواجهة «نسور قاسيون» حيث انقلب الرأي العام منتقداً المنتخب والمدير الفني نزار محروس، ومطالباً باستقالته واستقالة الاتحاد، وذلك في موازاة ضجةٍ كبرى اشتعلت بعد الخطأ الإداري الذي حرم السوريين في المباراة أمام كوريا الجنوبية من خدمات لاعب سبارتا روتردام الهولندي محمد عثمان، ومن المحترف الآخر مع يونيكوس اليوناني إياز عثمان، واكتملت بعد السقطة القاسية للمنتخب الأولمبي أمام الأردن (2-5) في بطولة غرب آسيا المقامة في مدينة الدمام السعودية.
التاريخ يصبّ لمصلحة سوريا لكن منتخب لبنان لم يخسر أمام «نسور قاسيون» في لقاءاتهما الثلاثة الأخيرة


إيجابيات الدوحة
وبعيداً من وضع المنتخب السوري، لا بدّ من التفاؤل من خلال الانطباع الذي تركه منتخبنا خلال اللقاء أمام العراق. هناك في العاصمة القطرية الدوحة بدا الإصرار حاضراً بقوة في أداء لاعبينا وسط رغبة كبيرة لتحقيق نتيجة إيجابية. كل هذا أفرز منتخباً مقاتلاً لناحية قدرته على مواجهة منافسٍ قوي بدنياً إلى حدّ الخشونة في التحاماته المباشرة، في موازاة تعطيله استراتيجيات مدربٍ ذائع الصيت هو الهولندي ديك أدفوكات الذي لم يتمكّن من فكّ شيفرة الدفاع اللبناني، وبالتالي هزّ شباك الحارس مصطفى مطر.
ربما لم يكن المنتخب العراقي في يومه، لكن الثقة بالنفس كانت أيضاً إحدى الصفات التي انطبقت على منتخبنا أمام العراق ليحصل على نقطته الثانية في التصفيات، وليكون في وضعٍ أفضل بعد 3 مباريات في هذا الدور من ذاك الوضع الذي عاشه في نفس المرحلة خلال مشواره تصفيات مونديال 2014، حيث حصل وقتذاك على نقطةٍ واحدة بعد 270 دقيقة من اللعب ولم تسلم شباكه في أي لقاء، فاستقبلت 5 أهداف مقابل هدفٍ وحيد سجله منتخب كوريا الجنوبية في التصفيات الحالية.

لا بدّ من التفاؤل من خلال الانطباع الذي تركه منتخب لبنان خلال اللقاء أمام العراق (مصطفى التقي)

وفي خضم سلّة التفاؤل هذه، يأخذنا المشهد إلى سنواتٍ خلت حيث لم يخسر لبنان في لقاءاته الثلاثة الأخيرة أمام المنتخب السوري، محقّقاً انتصاره الأخير عليه قبل عامين في بطولة غرب آسيا في العراق بنتيجة (2-1)، بينما آلت نتيجة المباراة الودية التي أقيمت عام 2015 في صيدا إلى التعادل (2-2)، وقبلها عام 2013 على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت إلى فوزٍ لبناني (2-0)، لتكون الخسارة اللبنانية الأخيرة قبل 10 سنوات على ملعب صيدا وخلال مباراةٍ ودية أيضاً انتهت بنتيجة (3-2) لمصلحة الضيوف الذين تصبّ نتائج المواجهات تاريخياً لمصلحتهم بمجموع 17 انتصاراً مقابل 4 هزائم و5 تعادلات.

قلق سوري
بطبيعة الحال، لا يبدو المنتخب السوري مطمّئناً قبل لقاء الليلة، وهو أمر بدا جليّاً من خلال تصريحات المدرب عمر الأبرش بعد فقدان منتخبه التركيز ليتلقى هدفاً قاتلاً أخرجه خاسراً أمام كوريا الجنوبية في الجولة الماضية، ما يعني أن هناك نقاط ضعفٍ يمكن استغلالها لإرباك الخصم الذي لم يعُد نفس المنتخب القوي الذي عرفته آسيا قبل سنوات، والدليل أنه يتذيّل ترتيب المجموعة الأولى بنقطةٍ وحيدة. لكن هذه النقطة بالتحديد قد تعطيه دافعاً أكبر لتحقيق نتيجة إيجابية مستفيداً من خبرة لاعبيه ولو أن البعض صوّب على تقدّم المنتخب السوري بالسنّ بحيث يتجاوز معدل أعمار لاعبيه الـ30 سنة.
المهم أن يدرك لاعبو لبنان أيضاً أن هذا اللقاء بالتحديد قد يشكّل الفرصة الأخيرة لهم في حال أرادوا الاستمرار في المنافسة على مركزٍ متقدّمٍ في المجموعة حيث المركز الثالث هو الهدف بلا شك بعد ابتعاد إيران عن الإمارات ولبنان والعراق بفارق 7 نقاط، وكوريا عن هؤلاء بفارق 5 نقاط.

من هنا، يبدو العمل الأساسي منصبّاً على استغلال الإيجابيات الفردية والجماعية وتحديداً الدفاعية التي ظهرت بفدائية جوان العمري وانضباط واجتهاد لاعبين آخرين تكتيكياً في هذه الحالة مثل عباس عاصي وحسن «سوني» سعد، وقوة الأخوين ملكي رغم الافتقاد إلى فيليكس بسبب الإيقاف تماماً كما هو حال قاسم الزين حيث ستكون الحسابات دقيقة لتعويضهما وتسمية البديلين المناسبَين في تشكيلةٍ ستواجه اثنين من الأسماء المعروفة آسيوياً هما «السفاح» عمر السومة والنجم عمر خريبين القادران في لحظة على معاقبة أي دفاع عند حدوث خطأ بسيط في التمرير أو التمركز أو سوء التركيز.
وتبقى النقطة السلبية والمقلقة والقادرة بنفس الوقت على تغيير الصورة النمطية هي تلك التي ترتبط بالناحية الهجومية لمنتخبنا الذي لم يجد التوازن المطلوب في خط المقدّمة لتكون المرة الأولى من عام 1998 التي يفشل فيها بالتسجيل في أول 3 مباريات رسمية مع مدرب جديد.