فازت فرنسا في روسيا. هذا عنوان أول. فازت ولم تمحو مرارة سقوط نابليون في «واترلو». خسرِت كرواتيا «الطموحة» النهائي. وهذا عنوان ثانٍ. عنوان ثالث: روسيا فازت لأن التنظيم كان براقاً. ويمكن رصف العناوين على رفوف المونديال رصفاً. لكن فرنسا فازت في روسيا. لا مفر من العودة إلى هذا العنوان. لماذا فازت؟ ليس لأنها أقصت ليونيل ميسي، ولا لأنها واقعية، بل لأنها لعِبت وفق قاعدة منطقية: أفضل طريقة للدفاع هي الدفاع. كل شيء آخر ليس دفاعاً، حتى في الحرب. هذه الأسباب يقتنع الناس بكرة القدم. لهذه الأسباب يشجعون. يفضّلون أن يختاروا معاركهم بأنفسهم. وقد اختار مدرب فرنسا أن يدافع جيداً. الكروات شجعان، احتربوا سابقاً. انقسموا إلى قتلة وإلى ضحايا، لكنهم تعلموا كيف يصيرون ضحايا في النهاية. لا تفرز الحرب إلا الضحايا. وها هم يتعلمون اليوم أن يصيروا خاسرين مجدداً. في كأس العالم هناك رابح واحد وليس هناك قتلة. وفي لائحة الجوائز، هناك لاعب واحد هو الأفضل. لوكا مودريتش الذي هرب طفلاً من المجزرة وأمس وقف على المنصة، على نقيض مودريتش العائد من طفولته الطويلة. اختارت فرنسا جزءاً من لاعبيها لأسباب، واختارها هؤلاء اللاعبون لأسباب أخرى. اختارتهم كما اختارت الذهب من مناجم بلادهم. واختاروها لكي يحلموا خلالها بالذهب. بعد المونديال الذي ربحه «المهاجرون»، يبقى أن يتاح للأطفال أن يحلموا أحلاماً حقيقية، أي أن لا يتدخل العالم في صناعة أحلامهم. يبقى أن يحلم الذي سيرثون بول بوغبا ومبابي وتوليسو ونبيل فقير برفع كأس العالم، يوماً ما، مع غينيا والكاميرون وتوغو والجزائر. أن يدخلوا النادي المغلق الذي «تسيّجه» أسوار الفيفا، ويكتفي العالم بمشاهدة ما يسمح بهِ «النظام العالمي»