بالأمل والعزيمة، سيدخل المنتخب المصري ثاني مبارياته في مونديال روسيا محاولاً تحسين الصورة العربية والأفريقية التي اهتزت خلال مباريات الجولة الأولى من كأس العالم. هكذا، تعلب مصر ثاني مبارياتها اليوم في المجموعة الأولى أمام روسيا (البلد المستضيف). هُزِم المنتخب المصري في مباراته الأولى أمام الأوروغواي، بهدف مقابل لا شيء، أحرزه اللاعب خوسيه خيمينيز في الدقيقة الأخيرة زمن المباراة. لكن التعويض ليس مستحيلاً.ظهرَ المنتخب المصري خلال المباراة الأولى بشكل جيد ولقي إعجاباً وتعاطفاً من الجماهير العربية، بعد أن أظهر صلابة دفاعية وحسن تمركز أمام منتخب يملك أفضل مهاجمين في العالم: سواريز وكافاني. كان المنتخب المصري على بعد خطوة واحدة من الخروج بنتيجة إيجابية، لولا الهدف الذي أحرزه المدافع خيمينيز برأسه في الدقيقة الأخيرة، بعد عرضية نُفّذت من ركلة حرة قبل نهاية المباراة. الأمر الوحيد الذي انتقده البعض هو عدم قدرة المنتخب المصري على استغلال الهجمات المرتدة، وعدم التصرف الصحيح مع الكرات التي أتيحت عند مرمى المنافس. لم يمتلك المنتخب المصري شراسة هجومية تخفف الضغط عن الدفاع وحارس المرمى محمد الشناوي، الذي قدم مباراة رائعة، وتصدى لفرص عدة محققة على المرمى، وبعد المباراة أعلنت الفيفا واللجنة المنظمة اختياره كأفضل لاعب في المباراة. البعض الآخر يرى أن غياب محمد صلاح أثر على القوة الهجومية للمنتخب المصري. وهو محق بلا شك.
مع وجود صلاح سيتغير شكل وتحركات المنتخب المصري (أ ف ب )

على ضوء هذه المعطيات، يدخل المدير الفني هيكتور كوبر المباراة الثانية ولديه ورقته الهجومية الأقوى والتي غابت عنه في المباراة الأولى، بعد عودة محمد صلاح من الإصابة ليقود هجوم المنتخب المصري أمام نظيره الروسي. لا يبدو كوبر حائراً كثيراً في الطريقة التي سيلعب بها أمام المنتخب الروسي، وما يشغل باله التفكير في بعض المراكز داخل التشكيلة الأساسية التي ستبدأ المباراة.
لا يبدو كوبر حائراً أيضاً أمام اختيار محاور الدفاع، حيث جرت العادة أن لا يستغنى أبداً عن الرباعي (أحمد فتحي، علي جبر، أحمد حجازي ومحمد عبد الشافي). الأمر نفسه في خط الوسط، حيث يعتمد دائماً على كل من محمد النني وطارق حامد. أما الرباعي الأمامي فهو السؤال الصعب الذي يطرحه المدرب الأرجنتيني على نفسه قبل مواجهة روسيا، وهو الأمر الذي يترتب عليه شكل المنتخب المصري (تكتيكياً)، خاصة مع عودة صلاح، وتقديم اللاعب عمرو وردة لأداء جيد خلال مباراة الأوروغواي، وأيضاً اللاعب محمود تريزيغيه الذي يقدم أداءً جيداً وثابتاً في الجناح الأيسر. يبقى السؤال الأكبر، هل يحافظ كوبر على المهاجم مروان محسن في التشكيلة الأساسية؟ وهل من الممكن أن يستغنى عن صانع الألعاب عبد الله السعيد؟
لا يعرف عن كوبر أبداً روح المغامرة. فهو مدرب مخلص تماماً للواقعية الدفاعية، ولم يغيّر من طريقة لعبه خلال فترة وجوده مع المنتخب المصري. يعتمد المدرب الأرجنتيني في معظم الأوقات على طريقة لعب 4-2-3-1 مع أدوار دفاعية للجناحين بالعودة لمساند ظهيري الجنب في الدفاع، والتقارب بين خطوط الفريق لتضيق المساحات بين اللاعبين، من أجل الدفاع بطريقة الكتلة الواحدة والضغط المتأخر على الفريق المنافس حتى لا يخلق مساحات خلف المدافعين، وأحياناً يلجأ إلى 4-4-2 بشكلها الكلاسيكي من أجل الدفاع أو إعطاء حرية أكبر لمحمد صلاح.
من المتوقع أن يحافظ كوبر على طريقة اللعب ٤-٢-٣-١ حتى مع وجود صلاح


يبدو أيضاً المدرب الأرجنتيني أمام اختبار صعب، حيث يواجه المدرب الروسي ستانيسلاف تشيرتشيسوف الذي لا يختلف كثيراً عن عقليته، ويعتمد بشكل كبير على الدفاع المتأخر والضغط من منتصف الملعب، وقد يعطي المنافس الاستحواذ السلبي على الكرة من أجل استغلال الهجمات المرتدة والاعتماد على سرعات أليكسندر غولوفين ودينيس تشيريشيف، ويعتمد نفس طريقة اللعب ٤-٢-٣-١ والاعتماد أيضاً على ٤-٤-٢ حِينَ يلعب بالمهاجم أرتيم دزيوبا، الذي يمتاز بطول القامة وإتقان ضربات الرأس، ما يدفع تشيرتشيسوف إلى الاعتماد على الكرات العرضية المرسلة من جانبي الملعب، واستغلال الكثافة العددية الناتجة عن اللعب بمهاجمين ودخول الجناح العكسي للعرضية من أجل المساندة في الهجوم، كما حدث أمام المنتخب السعودي.
من المتوقع أن يبدأ كوبر بالتشكيلة ذاتها التي بدأت مباراة أوروغواي، مع تبديل وحيد بدخول محمد صلاح بديلاً من عمرو وردة، الذي ربما يفكر كوبر في الاحتفاظ به كورقة قوية على مقاعد البدلاء. لكن مع وجود صلاح يتغير بعض من شكل وتحركات المنتخب المصري، حيثُ لا يشارك صلاح في أداء الأدوار الدفاعية، التي لا يتنازل عنها كوبر من الجناحين. في المباراة السابقة بدا المنتخب المصري بطيئاً في التحول من حالة الدفاع إلى الهجوم، أو استغلال المساحات التي ظهرت لدى المنافس لصنع هجمة مرتدة.
إذاً، من المتوقع أن يحافظ كوبر على طريقة اللعب ٤-٢-٣-١ حتى مع وجود صلاح، لكن الواجبات الدفاعية والمساحة الخلفية التي تطلب من مركز الجناح الأيمن الذي يشغله صلاح، سيؤديها لاعب آخر، وغالباً ما يكون عبد الله السعيد أو محمد النني، الأقرب منهما للكرة والمساحة، لتتحول طريقة اللعب في حالة الدفاع إلى 4-4-2، ويدخل محمد صلاح إلى جانب المهاجم مروان محسن، من أجل استغلال سرعته في الهجمات المرتدة، التي ربما تكون وسيلة المنتخب المصري للتفوق على المنتخب الروسي، خاصة أن الفريق الروسي بطيء نوعاً ما في الارتداد الدفاعي، ولديه نقطة ضعف كبيرة في التمركز الخاطئ أثناء الارتداد الدفاعي بعد تنفيذ الركنيات أو الكرات الثابتة على مرمى المنافس.
أشارت بعض التقارير إلى أن المدرب الأرجنتيني قد لا يدفع بالمهاجم مروان محسن، الذي ظهر بأداءٍ سيئ خلال المباراة السابقة، وأنه قد يدفع باللاعب محمود كهربا، الذي لعبَ في الشوط الثاني من المباراة السابقة بديلاً من مروان محسن، أو قد يدفع بعمرو وردة كمهاجم وهمي مع صلاح، كما حدث في نهائي أمم أفريقيا الأخيرة. لكن المرجّح أن يبقي كوبر على مروان محسن كمهاجم صريح لا يمتلك غيره في قائمة الفريق، لقوته في الضغط على المنافس وحرمانه من تحضير وبناء اللعب بسهولة. بعض التقارير أشارت أيضاً إلى إمكانية خروج عبد الله السعيد من التشكيلة الأساسية لصالح عمرو وردة، ودخول محمد صلاح كمهاجم ثانٍ بجانب مروان محسن، من أجل إتاحة حرية أكبر في الهجوم لصلاح، والإبقاء على عمرو وردة كجناح أيمن، يمتلك قدرات دفاعية أكبر لإيقاف الجناح الروسي أليكسندر جولوفين، أحد أهم مفاتيح اللعب لدى المنتخب الروسي.
لكن من الصعب أن يستغني كوبر عن صانع الألعاب عبد الله السعيد، في ظل المساحات التي كثيراً ما تظهر خلف لاعبي الارتكاز في المنتخب الروسي، وفي ظلّ قدرة السعيد على التمركز الجيد في المساحة بين خط الوسط والدفاع عند المنافس، واستغلال دوره كلاعب «رقم 10» قادر على صناعة التمريرات الحاسمة للثلاثي صلاح ومحسن وتريزيغيه، واستغلال إحدى نقاط الضعف التي ظهرت لدى المنتخب الروسي وهي المساحات بين محاور الدفاع، وخاصة عند المدافع الأيسر يوري جيركوف (34 عاماً)، الذي لا يمتاز بالسرعة بالإضافة إلى تقدمه في العمر.
يبقى أمام كوبر وجهازه الفني تحضير اللاعبين نفسياً قبل اللقاء، خاصة أنهم سيواجهون هذه المرة البلد المستضيف على أرضه ووسط جماهيره، ولا سبيل أمام المنتخب المصري سوى الفوز للإبقاء على آماله في التأهل إلى المرحلة المقبلة.