ارتقى خيمينيز في الدقائق الأخيرة. ضرب الكرة برأسه مسجلاً هدف الانتصار للأوروغواي. حزن المصريون وصورة صلاح وخيبة الأمل لن تفارق أذهانهم. كل من على دكة البدلاء في «السلستي» ركض نحو صاحب الهدف، إلا رجل واحد، اوسكار تاباريز الذي رمى بعكازيه رافعاً يديه إلى السماء وكأنه يريد القول: «معك أحيا ومعك أموت».قصة شغف كروي ترويها «عكازات» الرجل الذي كسى الشيب شعره. لم يتعرض تباريز لكسر في قدمه أو لإصابة أدت إلى إعاقة حركته. إنما أصيب منذ عامين بمرض عصبي أدى إلى شلل جزئي حتى الآن، وقد يسبب شللاً كاملاً مع مرور الأيام. تاباريز يعاني من «متلازمة غيلان باريه»، وهو مرض نادر يضرب الجهاز العصبي ويسبب ضعفاً عضلياً في الأطراف والصدر، لكن المرض المزمن لم يحرم تباريز من ممارسة ما يحب. وفي مباراة مصر ظهر «المعلم» كما يسمونه في الأوروغواي وهو يستعين بعكاز وبيد أحد المساعدين لصعود سلالم ملعب «ايكاترينبرغ» للوصول إلى مكان جلوسه.
«المايسترو» كان له بصمة في أندية أميركا الجنوبية إذ درب وكا جونيورز


كان من المتوقع أن يستقيل تاباريز من منصبه من أجل الاعتناء بصحته. لكنه رفض أن يفارق كرة القدم رغم أن حالته الصحية أصبحت تتطلب مشايةً طبية وكرسياً كهربائياً متحركاً. وتعهد لنفسه أنه سيحضر في كأس العالم. وفي هذا الخصوص يقول تاباريز: «أنا لا أشعر بأيّ نوع من الألم، إذ لا يسبب لي هذا المرض العصبي سوى بعض المشاكل خاصةً عند المشي. لكن بما أن ذلك يعد مرضاً مزمناً، تتحسن أحياناً حالتي». أكثر من ثلاثين عاماً قضاها تاباريز كمدرب، قبل ذلك كان يعمل كمدرس في إحدى مدارس الأوروغواي. وخلال العقود الثلاثة درب الأوروغواي مرتين أولها كان لعامين منذ 1988 حتى 1990. لتكون عودته إلى تدريب «السيليستي» عام 2006 بشرة خير حيث تمكن من بلوغ نصف نهائي مونديال جنوب أفريقيا 2010 والفوز بكوبا أميركا 2011 كما خسر نهائي البطولة ذاتها في 1989.
«المايسترو» البالغ من العمر 71 عاماً كان له بصمة في أندية أميركا الجنوبية، إذ درب واحداً من أشهر الفرق الأرجنتينية بوكا جونيورز، وبينارول الأوروغوياني كما درب لفترة قصيرة فريق ميلان الإيطالي. محققاً كأس ليبرتادوريس مع بينارول في 1987 والدوري والأرجنتيني مع «بوكا» عام 1992.
حضور تاباريز في المباراة الأخيرة وهو يتحدى مرضه اختصر كثيراً من معاني الكرة، ولخص الكثير ممن ينتقدون محبي هذه اللعبة. كرة القدم هي المكان الذي تتحدى فيه كل شيء وتهزم كل شيء.