أثار وزير سياسات المدن في فرنسا، باتريك كانير، جدلاً سياسياً في بلاده منذ نهاية الأسبوع الماضي، وذلك بعد مقارنته "أحياءً فرنسية" بضاحية مولينبيك في بلجيكا، التي اعتُقل فيها صلاح عبد السلام، والتي يشير إليها محللون على أنها تشكّل "معقلاً" لأولئك الذين ينفذون عمليات إرهابية في باريس وبروكسل.
ويبدو أنّ هذا الجدل قد دفع رئيس الوزراء، مانويل فالس، إلى إعلان موقف مدافع عن تصريحات الوزير الاشتراكي، وفق ما نُقل عنه أمس، وذلك على الرغم من أن حديث الوزير قد قوبل بردود فعل إيجابية من أطراف في اليمين، واليمين المتطرف، إذ رأى هؤلاء أنّ التصريحات "شفافة".
وقال كانير، خلال مشاركته في حوار صحافي، يوم الأحد: "يوجد اليوم كما نعرف، نحو مئة حيّ في فرنسا، تشتمل على أوجه شبه محتملة مع ما حصل في مولينبيك"، وهي ضاحية بروكسل التي وصفها الوزير الفرنسي بأنها "كتلة ضخمة من الفقر والبطالة، وهي منظومة موغلة في الطائفية، ونظام مافياوي مع اقتصاد خفي، ونظام اختفت فيه المرافق العامة أو كادت، ونظام تخلى فيه المنتخَبون عن مسؤولياتهم".
فلوريان فيليبو، أحد أبرز وجوه "الجبهة الوطنية" المتطرفة ونائب رئيسها، رأى أنه "للمرة الأولى، لدينا وزير اشتراكي ينزع الحجاب من أمام عينيه ومن على فمه، ليعبّر عن حقيقة شفافة"، معتبراً في الوقت نفسه أنّ عدد الأحياء الذي أشار إليه كانير "يمكن وصفه بالمتفائل". وجاء حديث فيليبو في وقت كانت رئيس "الجبهة الفرنسية"، مارين لوبن، قد أعلنت أنه "يجب البدء بعملية واسعة في مجمل تلك الأحياء الواقفة على هامش الجمهورية".
أما ضمن الفريق السياسي الذي ينتمي إليه كانير، فقد أسف السكرتير الأول لـ "الحزب الاشتراكي"، جان كريستوف كامباديليس، لعملية "وصم" أحياء فرنسية، بينما رأى القيادي في الحزب نفسه، جوليان دراي، أنّه "من خلال العبارات، لا نحل أي مشكلة... وذلك لا يقدّم أي معلومة واقعية". كذلك، انتقد رئيس "اتحاد الديموقراطيين والمستقلين"، جان كريستوف لاغارد، التصريح، معتبراً أنّه يندرج في سياق "العبارات التي تشوّه النقاش السياسي الفرنسي".
وحاول كارنير إعادة تصويب موقفه، إلا أنّ الجدل الناشئ منعه من ذلك، ما دفعه في حوار آخر إلى رمي الكرة عند الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، عبر اتهامه بأنه "أضعف حضور الدولة في بعض الأحياء". إلا أنّ المعطى الجديد الذي برز أمس، تمثّل بالدفاع الذي قدمه مانويل فالس، حين قال إنّ "المقارنة مع مولينبيك غير جيدة، لأنها تمثّل حياً في (العاصمة) بروكسل"، وذلك بخلاف الضواحي الفرنسية المشار إليها، وفق رئيس الوزراء الذي كان يخاطب النواب الاشتراكيين خلال اجتماعهم. وأضاف فالس، استناداً إلى ما نقله مشاركون في الاجتماع: "إنّ ما أراد قوله بخصوص عمليات الانغلاق، والانقسام المجتمعي والراديكالية.... ذلك موجود، في الواقع".
من جهة أخرى، قال أستاذ العلوم السياسية الفرنسي، رنو ابستاين، إنّ "الحديث عن أحياء مثل مولنيبيك، لا معنى له". ووضع ابستاين ذلك التصريح في إطار الخطابات السياسية التي "تسعى إلى المنفعة". فيما اعتبر الباحث، انطوان جاردان، أنّ "بالإمكان مقارنة أحياء استناداً إلى اعتبارات اجتماعية، لكن لا يمكننا القول إنّ تلك الاعتبارات (تنبئ) بالإرهاب".
في سياق منفصل، كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس، أن نسبة التأييد للرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، تراجعت نقطتين إلى 18 في المئة، بينما انخفضت شعبية مانويل فالس، أربع نقاط إلى 31 في المئة.
وذكر الاستطلاع، الذي أجراه مركز "اودوكسا"، أنّ 18 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع ردوا بـ "نعم" على سؤال "هل تعتقد أن فرنسوا هولاند رئيس جيد؟"، بينما أجاب 81 بالمئة بـ "لا". وبذلك تراجعت شعبية هولاند وفق استطلاعات هذا المعهد إلى أدنى مستوى منذ تشرين الثاني 2014 عندما كانت نسبة التأييد له تبلغ 16 بالمئة فقط. وتبيّن كذلك أنّ 45 في المئة ضمن "اليسار" راضون عن هولاند، في مقابل 54 في المئة لا يؤيدونه، فيما لم يُبدِ واحد بالمئة من المستطلعين أي رأي.
(الأخبار)