في أكثر الاعتداءات دمويّة، استهدفت «جماعة الأحرار»، المنشقّة عن حركة «طالبان» الباكستانيّة، متنزَّهاً في مدينة لاهور في إقليم البنجاب، أول من أمس، في هجومٍ قالت الحركة إنه موجه ضدّ رئيس الوزراء، نواز شريف.
وتبنت «جماعة الأحرار»، أمس، الهجوم الانتحاريّ الذي قتل 72 شخصاً، معلنةً على لسان المتحدث باسمها، إحسان الله إحسان، أن الهجوم «يستهدف المسيحيين»، مضيفاً: «نريد توجيه هذه الرسالة إلى رئيس الوزراء نواز شريف بأننا دخلنا لاهور. يستطيع أن يفعل ما يشاء لكنه لن يتمكن من إيقافنا. سيواصل مقاتلونا هذه الهجمات».
وتتبع «جماعة الأحرار» عقيدةً أكثر تشدداً من «طالبان»، وتمكّنت في السنتين الأخيرتين، منذ إعلان تأسيسها، من «تحقيق تقدّم كبير في باكستان على حساب التقاليد المحلية الأكثر انفتاحاً»، بحسب ما يشير تقرير في صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، وقد بايعت في الماضي تنظيم «داعش». كذلك، فإنّ هذه الحركة، المتمركزة في منطقةٍ حدودية مضطربة مع أفغانستان، مسؤولة عن مجموعة من الاعتداءات «ضدّ موظفين حكوميين أو أقليات دينيّة». وتقول إن هدفها هو الحرب ضدّ «الدولة الكافرة».
ويضيف تقرير صحيفة «ذي غارديان» أنّ تلك الحركة تصوّر نفسها على أنها «طالبان الحقيقية»، وهي تعارض استراتيجية «المفاوضات» مع الحكومة التي انتهجتها «طالبان» منذ عام 2014.
وينظر إلى هجوم يوم الأحد الذي نفذته الحركة على أنّ الهدف الأساسي منه توجيه رسالة للسياسيين المحليين، واستغلال الغضب «لدى شريحة كبيرة من الباكستانيين في أعقاب إعدام أحد المتشددين، وهو ممتاز قادري»، كما يوضح التقرير. وقد أقدم ممتاز قادري، في عام 2011، على قتل حاكم إقليم البنجاب آنذاك، سلمان تسير، الذي كان يدافع عن قضيّة امرأة مسيحية متهمة «بالتجديف». وتحوّل قادري بالنسبة إلى المجموعة «إلى بطل»، وقد مشى نحو مئة ألف شخص في تشييعه في منطقة روالبيندي، حيث أغلقت المدارس والمحال التجارية خوفاً من ردود الأفعال، كذلك وقعت احتجاجات واسعة في إسلام آباد، ورافقتها مواجهات بين القوى الأمنية والمحتجين.
إلّا أنّ «التحدي الحقيقي» الذي تواجهه باكستان هو في «جماعة الأحرار»، الأكثر تشدداً «من جماعة قادري»، كما يشرح تقرير «إندبندنت». لكن ما يجمع الحركتين هو «عدوهما المشترك»، رئيس الوزراء شريف.
ويرى الصحافي الباكستاني، عمر قريشي، في حديث إلى «نيويورك تايمز»، أنّ «سياسة الحكومة الباكستانيّة التي أعطت مساحةً لمناصري قادري قد ارتدّت عليها الآن». ويشير قريشي إلى أنّ إعطاء الجيش الدور الأساسي في إسلام آباد، لإعادة الأمن بعد احتجاجات مناصري قادري، دليل على أن الحكومة غير قادرة على الحكم بطريقة فعالة.
كذلك، أعطت الحكومة «صلاحيات خاصة» للجيش بعد هجوم يوم الأحد لمحاربة هذه الحركات عقب التفجير. وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني، عاصم باجوا، إن وكالات المخابرات والجيش والقوات شبه العسكرية شنت العديد من المداهمات في أنحاء البنجاب عقب الهجوم. إلّا أنّ ذلك يأتي في وقتٍ يجري فيه الحديث عن أن بعض القادة الأمنيين في البنجاب يرفضون «عملية عسكرية» فيها، باعتبار أنّ القوى الأمنية المحلية تستطيع تحمل هذه المسؤولية، كذلك فإن حاكم الإقليم، وهو أخو نواز شريف، شاهباز شريف، «قد قاوم اتصالات تهدف إلى تدعيم عملية عسكرية في المنطقة»، بحسب ما يذكر تقرير «نيويورك تايمز».
ويبدو أنّ «جماعة الأحرار» تحاول أن «تقوم بدفعة» داخل البنجاب، كما يشرح تقرير «الغارديان»، مركز قوّة نواز شريف وأغنى الأقاليم الباكستانية، إذ تُعَدّ لاهور العاصمة الثقافية والسياسية للبلاد. ويتهم شريف بالتغاضي عن التشدد مقابل السلام في إقليمه، وهو اتهام ينفيه بشدة. كذلك، تُتهم أجهزة الأمن الباكستانية منذ فترة طويلة باحتضان بعض المتشددين لاستخدامهم في المساعدة في تحقيق أهداف أمنية في أفغانستان وضد الهند. كذلك فإنّ إقليم البنجاب «هو من الأقاليم التي لم تحصل فيها عمليات لمكافحة الإرهاب من قبل»، وفق «إندبندنت»، على رغم تحذيرات سابقة من مسؤولين محليين بوجود خلايا إرهابية.
(الأخبار)