حتى وقت متأخر من مساء أمس، كانت معظم المحافظات الإيرانية لا تزال تشهد إحدى أهم عمليات الاقتراع وأكثر الانتخابات مفصلية في تاريخها الحديث، وهي الانتخابات العاشرة لمجلس الشورى والخامسة لمجلس خبراء القيادة، التي تأتي بعد محطة مفصلية أخرى شهدتها البلاد في أيار الماضي، حين جرى توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى. وبعد تمديد الاقتراع ثلاث مرات في معظم المحافظات، فقد استمر حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً في المحافظات الأكثر اكتظاظاً، مثل طهران، من أجل إفساح المجال أمام آخر ناخب للإدلاء بصوته، على ما شدد عليه المسؤولون عن العملية الانتخابية. الكل أجمع على كثافة الإقبال الذي وصل، وفق ما صرح به المتحدث باسم الهيئة الرقابية المرکزية للانتخابات سيامك ره بيك، إلى 28 مليون ناخب، حتى الساعة التاسعة مساء بتوقيت طهران.
روحاني: کل الأنظار الصديقة والعدوة مشدودة إلى الانتخابات وإيران

وفيما كانت وزارة الداخلية قد مددت فترة الاقتراع ثلاث ساعات حتی التاسعة من مساء أمس، بسبب الإقبال الكثيف علی الاقتراع، فقد عادت ومددتها حتی الساعة العاشرة، ولكن وزارة الداخلية تركت القرار لتمديد آخر إلى وكلائها في المحافظات. وبناء عليه، أعلن وکيل الوزارة حسين علي أميري تمدیيد عملية التصويت في محافظة طهران حتی الساعة الـ11 و45 دقيقة. وقال إن عملية التصويت ستستمر حتی آخر ناخب موجود في مراکز الاقتراع.
وخلال النهار الانتخابي الطويل، توالت تصريحات المسؤولين الإيرانيين المشددة على أهمية هذه العملية الانتخابية والمحفّزة على أكبر نسبة مشاركة، وهو ما تطرّق إليه المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكداً أن الانتخابات الحالية تحظى بأهمية بالغة. وقال، للمراسلين الذين اجتمعوا في حسينية الإمام الخميني في طهران، حيث أدلى بصوته، إن "على الجميع، وكل من يحرص على إيران ويحب الجمهورية الإسلامية، ويحرص على عظمتها وعزتها وشموخها الوطني، أن يشارك في الانتخابات التي لا بد أن تدخل اليأس في قلوب الأعداء".
وتفقد الرئيس حسن روحاني سير العملية الانتخابية في مقر وزارة الداخلية في العاصمة طهران، حيث أدلى بصوته وصرّح بأن كل المشاركين في الانتخابات فائزون. وقال روحاني "اليوم، کل الأنظار الصديقة والعدوة مشدودة إلى الانتخابات وإيران، والملحمة التي سيجسدها الشعب الإيراني في هذه الانتخابات"، مضيفاً أن "التقارير التي استلمناها، تؤکد حضور الجماهير الفاعل لدى صناديق الاقتراع"، ومشيراً الى أن "الشعب الإيراني سجل حضوراً ملحمياً، بمشارکته في الانتخابات".
وفيما أكد روحاني أن "المجلس، مهما کانت تشكيلته، ستكون نتيجته لمصلحة أصوات الشعب"، فقد وصف الانتخابات بأنها "رمز للاستقلال السياسي للبلاد". ولفت الرئيس الإيراني إلى أنه "إذا کان الأجانب يقرّرون مصير البلاد، قبل انتصار الثورة الإسلامية، فإن الشعب الإيراني منذ انتصار ثورته المبارکة قبل 37 عاماً، بات يقرر مصير البلاد بنفسه، وذلك من خلال مشارکته الفاعلة في الانتخابات". وأوضح أن "الشعب يقرر اليوم مصير اثنتين من أهم المؤسسات في البلاد، وهي مجلس الشوری ومجلس خبراء القيادة".
من جهته، وصف سكرتير مجلس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي الانتخابات بأنها "أشبه بسهم ذي ثلاث شعب يحمل لاءات ثلاثة إلى بريطانيا وأميركا وكيان الاحتلال الصهيوني". وبعد إدلائه بصوته في صناديق الاقتراع، أشار إلى أن "الشعب الإيراني الغيور ينتظر من النواب أن يعيشوا مثله، وأن يتمسكوا بولاية الفقيه".
أما رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، فقد شدد على أن "المشاركة الشعبية في الانتخابات تعزز اقتدار إيران، فيما القضايا الاقتصادية ستمثّل الأولوية لمجلس الشورى الجديد". ولفت لاريجاني إلى أن "مستقبل البلاد وتحسن أوضاعه رهنان بدخول أعضاء مقتدرين إلى هذا المجلس". وأشار إلى أن "أهم مشاکل البلاد تكمن في الجانب الاقتصادي"، مشدداً على أن "کفاءة الاقتصاد وازدهاره والتصدي للرکود، تقع على عاتق مجلس الشورى الجديد". وفي هذا الإطار، أوضح لاريجاني أن "مجلس الشورى المقبل يسعى إلى توفير الأرضية المناسبة في حقل الاستثمارات، وتسهيل القضايا اللازمة في هذا الإطار وتطوير الإشراف".
وبانتظار صدور النتائج، المرتقبة اليوم في بعض المحافظات وخلال اليومين المقبلين في أخرى أكثر اكتظاظاً، فقد صرح مرشح لائحة الأصوليين لانتخابات مجلس الشورى إلياس نادران بأن وضع الأصوات في مختلف الدوائر الانتخابية في طهران متغاير، لكنه أضاف أن الوضع الإجمالي للأصوليين جيّد بشكل عام. وقال نادران، للصحافيين أثناء إدلائه بصوته، إن التقارير حتى الآن تشير إلى مشاركة جيدة للناخبين على مستوى العاصمة طهران، منوهاً بأن الاقتراع، بشكل عام، أفضل من الدورة السابقة.
وأكد المرشح الأصولي أن ارتفاع نسبة المشاركين في الاقتراع يزيد من واقعية وشفافية الانتخابات، ويتيح الفرصة لمن سينجح في هذه الانتخابات ليقدم خدمات أفضل للبلاد ويعزز القوى الداخلية لنظام الجمهورية الإسلامية ليترك أثراً إيجابياً على القضايا الدولية والإقليمية.