نددت منظمة العفو الدولية أمس بتعامل الدول الأوروبية «المعيب» مع موجة اللاجئين، وبرد فرنسا «المقوّض للحريات» على هجمات باريس نهاية العام الماضي، وذلك في تقريرها السنوي حول «حالة حقوق الإنسان في العالم».
وبعدما درجت المنظمة على التنديد بـ«الديكتاتوريات»، استهدفت هذه السنة القارة الأوروبية التي «تتباهى بامتلاك نظام حماية الحقوق الأكثر تطوراً في العالم»، حسبما قال مدير برنامج أوروبا في المنظمة، جون دالهوزين، معتبراً أن «الزمن الذي كان يمكن فيه اعتبار ذلك حقاً مكتسباً قد ولّى»؛ وذلك فيما وصف الأمين العام للمنظمة، سليل شيتي، موقف الدول الأوروبية حيال أزمة اللجوء بالـ«معيب».
وقالت المنظمة في تقريرها: «آثر قادة الاتحاد الأوروبي، بغالبية ساحقة، الإصغاء إلى الصوت المرتفع للمشاعر المعادية للهجرة والمهاجرين، والتركيز على هواجس فقدان السيادة الوطنية والتهديدات الأمنية. وبالمحصلة، لم يتمكن قادة أوروبا من الاتفاق على سياسات جديدة، باستثناء الاتفاق على اتخاذ تدابير تهدف إلى تعزيز برنامج حصن أوروبا». وأضاف التقرير أن الاتحاد، «الذي يُعدّ أثرى كتلة سياسية في العالم... أخفق في الخروج بخطة واحدة موحدة تكفل الاستجابة لهذا التحدي بطريقة إنسانية تحترم حقوق الإنسان... وحدها ألمانيا أبدت سمات القيادة التي تتناسب مع حجم التحدي».
وحدها ألمانيا أبدت سمات القيادة التي تتناسب مع حجم التحدي

وبحسب التقرير، فإن الهجمات التي استهدفت باريس أواخر العام الماضي «أعطت زخماً إضافياً في فرنسا، وكذلك في دول أوروبية أخرى، لإقرار طائفة من التدابير التي شكلت تهديداً لحقوق الإنسان»، مشيرة إلى تنفيذ السلطات الفرنسية، منذ تشرين الثاني الماضي، 2700 مداهمة منزلية للتفتيش، «بلا مذكرات تفتيش صادرة بحسب الأصول، ونتج منها فتح تحقيقين فقط على علاقة بالإرهاب». وأضاف التقرير أن «السلطات انهمكت طوال العام في تحريك إجراءات ملاحقة أشخاص، عملاً بأحكام قانون تبرير الإرهاب، ذي الصياغة المبهمة؛ وشكّلت مجموعة كبيرة من هذه الإجراءات انتهاكاً للحق في حرية التعبير عن الرأي».
وقال شيتي إن «حكومات كثيرة أخطأت في ردها على المخاطر الأمنية المحدقة بالأمم، فخنقت المجتمع المدني وقوّضت الحق في احترام الحياة الخاصة والحق في حرية التعبير، بوصفهما يتعارضان مع الأمن القومي والنظام العام والقيم الوطنية». ورأى شيتي أن «أكثر من 70 عاماً من العمل الدؤوب والتقدم البشري باتت في خطر»، بفعل الحكومات التي تسعى إلى الالتفاف على مؤسسات مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، أو آليات إقليمية مثل مجلس أوروبا.
وفي الوقت نفسه، ومع مرور 20 عاماً على انضمام روسيا إلى مجلس أوروبا، أشارت الأخيرة أمس إلى نقاط خلاف مع موسكو، تتعلق خصوصاً بوضع المنظمات غير الحكومية.
وفي رسالة موجهة إلى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أشاد الأمين العام للمجلس، ثوربيورن ياغلاند، بالدور الذي لعبته موسكو في مجلس أوروبا، منذ انضمامها إليه عام 1996، لكنه أشار إلى نقاط «مثيرة للقلق»، خاصة «في ما يتعلق مثلاً بالقوانين حول المنظمات غير الحكومية، التي هي مهمة جداً لديموقراطياتنا». وكان لافروف قد أكد في رسالة سابقة إلى ياغلاند عزم روسيا على «المساهمة بشكل تام» في أهداف مجلس أوروبا، مشيراً إلى ضرورة أن يبتعد المجلس في عمله عن «الكيل بمكيالين والمواقف الانتقائية التي تقوّض المبادئ التي تأسس عليها».
(أ ف ب)