في جديد الأحداث الانتخابية الأميركية، مقابلة أجراها المرشح الديموقراطي برني ساندرز مع موقع "نيويورك ديلي نيوز"، فتحت عليه جحيم الانتقادات. وفي فحوى هذه المقابلة، كلام عن إسرائيل، التي تشكل بدورها صلب "التعاطف" الأميركي إلى أبعد الحدود. أما ما قاد ساندرز إلى أبواب هذا الجحيم، فقد كان الخروج عن العُرف الأميركي بتصريحه أن الحرب الأخيرة على غزة أدت إلى مقتل 10 آلاف فلسطيني بريء، عن طريق استخدام الاستهداف العشوائي. تقدير عددي، وضع ساندرز في خانة الاستهداف الإعلامي والسياسي، وأعطى منافسته هيلاري كلينتون فرصة جديدة لاستعراض غيرتها على أمن إسرائيل وتبرير آلتها القاتلة في غزة، عام 2014.
كلينتون التي لجأت، أيضاً، إلى أسلوب جديد في مهاجمة ساندرز، من خلال إرسال نسخة من المقابلة إلى مناصريها، قابلها دعم من نوع آخر، وبشكل غير مباشر، من قبل السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة مايكل أورن، عضو الكنيست الحالي، الذي اعتبر أن على برني ساندرز التراجع والاعتذار عن ادعاءاته "التشهيرية"، متقاطعاً بذلك مع ما قالته كلينتون عن أن "ذلك يخدم في نهاية المطاف مصالح حماس وفصائل فلسطينية أخرى".
ولكن أورن تابع مهاجمة ساندرز قائلاً: "لقد اتهمنا بفرية دم. اتهمنا بقصف المستشفيات. اتهمنا بقتل 10 آلاف مدني فلسطيني. ألا تعتقد أن ذلك يستحق اعتذاراً؟".
التعاطي السياسي مع تصريحات ساندرز، وازاه آخر إعلامي كان في سياقه العام مشابهاً للتعاطي الإعلامي خلال الحرب على غزة، ليتماشي مع العقيدة الإعلامية، التي تعتمد إعلاء شأن إسرائيل كما العقيدة العسكرية التي تسعى دائماً إلى الحفاظ على "تطوّر تل أبيب النوعي" في المنطقة، وهي تحوي في ما تحتويه على سيناريو متكرر ومدافع عن إسرائيل، بشكل أعمى.
كاتب أميركي:
برني ساندرز كان محقاً بشأن وحشية
إسرائيل في غزة

إيليوت أبرامز، مثلاً، اعتبر في مجلة "ويكلي ستاندرد" أن مقابلة ساندرز مع موقع "ذي نيويورك دايلي نيوز" تظهر الثغَر في معرفته بإسرائيل و"النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني"، الأمر الذي عمل الكاتب على إخراجه بمظهر الجريمة الكبرى. وأوضح الكاتب فكرته بالقول إن ذلك "يعني، على الأقل، أن ساندرز لا يعير انتباهاً، بل إنه يعتمد على ذكريات اشتراكية قديمة كان قد كوّنها عن إسرائيل عندما زارها قبل عقود". وفي سياق شرحه، أشار أبرامز إلى أن "ساندرز بدأ يؤمن بأساطير يسارية مختلفة عن إسرائيل، وآخرها الأسطورة التي تقول إنها استخدمت القوة العشوائية في الحرب على غزة عام 2014"، معتمداً، بذلك، أسلوباً ساخراً لمهاجمة ساندرز.
من جهتها، اعتبرت الكاتبة في صحيفة "ذي واشنطن بوست"، جينيفر روبين، أن "ساندرز يحصل على معلوماته من نقاط حوار معادية لإسرائيل، الأمر الذي لا يشكل مفاجأة بما أنه يسعى إلى الحصول على النصائح من جماعات معادية لإسرائيل".
إلا أن الكاتبة ارتأت الثناء على هيلاري كلينتون، في هذا الإطار، قائلة إن ساندرز يفعل تماماً ما استنكرته كلينتون، خلال خطابها أمام منظمة "آيباك" حين تطرقت إلى حركة مقاطعة إسرائيل. وفي هذا السياق، قالت إن ساندرز يروّج لأكاذيب ويفعل تماماً ما استنكرته كلينتون، ذلك أن كلماتها تنطبق على ملاحظاته، التي تسهم في تقويض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
فضلاً عن ذلك، انتقلت الكاتبة إلى انتخابات نيويورك، التي تعتبر محطة مهمة جداً في الانتخابات التمهيدية ــ والتي ستجرى في 19 نيسان ــ معتبرة أن "ملاحظات ساندرز ستصعق العديد من ناخبي نيويورك، الذين سيعتبرونه جاهلاً وغير حكيم، وهجومياً".
إلا أن الحملة التي واجهها ساندرز، قابلتها أخرى مضادة، من وسائل إعلام أميركية قليلة. وبعنوان "تجاهلوا التشويه: برني ساندرز كان محقاً بشأن وحشية إسرائيل الشنيعة في غزة ــ هو فقط فهم الأرقام بشكل خاطئ"، أشار الكاتب بن نورتن في مقال على موقع "صالون" إلى أن "الاستجواب القاسي والعدائية في الاستجابة إلى تصريحات ساندرز، المعتدلة وذات المستوى العالي، هي فقط المثال الأخير على مدى شمولية وتطرّف التحيّز ضد برني وحملته الشعبية المتمردة، وضد كل من يجرؤ على الاعتراف بالقمع الإسرائيلي بحق الفلسطينيين".
الكاتب رأى أن "ساندرز اعترف بمعاناة الفلسطينيين، تحت الاحتلال غير القانوني، وتجرأ على ذكر ما يتجنّب كل الأميركيين تقريباً ذكره". ومنتقداً كلينتون، قال إنها بعكسه، "احتفت بإسرائيل، وأعلنت أنها ستلتقي رئيس حكومتها اليميني المتطرف والمتشدد بنيامين نتنياهو، في الشهر الأول من دخولها إلى البيت الأبيض".
أما بالعودة إلى دفاعه عن ساندرز، فقد أشار الكاتب إلى أنه على الرغم من أن هذا الأخير ارتأى "انتهاج النقد الإلزامي للمجموعات الفلسطينية المقاتلة"، إلا أنه "أضاف حقيقة ليست مثيرة للجدل في بقية أنحاء العالم، وهي أن معظم المراقبين العالميين قد يقولون إن الهجمات على غزة كانت عشوائية، وإن الكثير من الأبرياء قتلوا".
الكاتب عقّب على ذلك بالقول إن "ساندرز كان محقاً جداً، ذلك أن قدامى الجنود الإسرائيليين اعترفوا بذلك، حين أخبروا جمعيات غير حكومية إسرائيلية أنهم استهدفوا مدنيين فلسطينيين بشكل عشوائي، وقتلوا غزيين انطلاقاً من شعورهم بالضجر". ولكن عندما يتعلق الأمر بتصريحات ساندرز، فإنه يتعرّض لهجمة غير مسبوقة لمجرد أن الأمر يرتبط بإسرائيل، وفقاً للكاتب.





كروز يكتسح كولورادو وساندرز يفوز بوايومينغ

حقق الديموقراطي برني ساندرز والجمهوري تيد كروز فوزاً بالانتخابات التمهيدية، التي جرت السبت في ولايتين في إطار منافسة محتدمة على الفوز بترشيح حزبيهما إلى الانتخابات الرئاسية.
وتغلّب كروز، سيناتور تكساس، على منافسه دونالد ترامب حاصداً أصوات جميع مندوبي ولاية كولورادو الـ13 في انتخابات السبت، في رابع فوز له على التوالي في مواجهة الملياردير المثير للجدل. كما فاز كروز بأصوات 21 مندوباً آخرين في الولايات، من خلال سلسلة من انتخابات المقاطعات، ليحصل على إجمالي 34 صوتاً. وسترسل كولورادو إجمالي 37 مندوباً إلى مؤتمر الحزب الجمهوري، في تموز، من بينهم ثلاثة مندوبين هم كبار قادة الحزب في الولاية.
بدوره، حقق ساندرز فوزاً مفاجئاً على منافسته هيلاري كلينتون في انتخابات ولاية وايومينغ. وتقدم السيناتور عن فيرمونت بعشر نقاط على كلينتون (55,7% مقابل 44,3%)، ورغم ذلك حصل كل من المرشحين على أصوات سبعة مندوبين، بحسب قواعد الحزب في الولاية التي يهيمن عليها الجمهوريون. ويعني ذلك أن ساندرز لم يؤثر كثيراً على كلينتون الحاصلة على أصوات أكثر من 200 مندوب. إلا أن الفوز يمنح ساندرز دفعاً معنوياً قبل انتخابات نيويورك المهمة التي ستجرى في 19 نيسان.
(أ ف ب)