تحيي إيران ذكرى ثورتها السابعة والثلاثين في ظلّ مرحلة استثنائية تتوثب فيها لقطف ثمار مسار هذه الثورة والسياسات التي رسمتها على مدى العقود الماضية. سياسات تموضعت طهران بموجبها في جبهة الاشتباك مع نظام الهيمنة العالمي متمثّلاً في الولايات المتحدة، فدفعت ثمناً لطموحاتها إلى التحرر السياسي والتكنولوجي حصاراً شبه متواصل منذ شباط 1979، ليطفئ الشعب الإيراني شمعة ثورته السابعة والثلاثين مع انقضاء أولى حلقات هذا الحصار بفعل الاتفاق النووي.
انتصار تستقبله القيادة الإيرانية بحذر ووعي بالغين، تستدعيهما طبيعة «العدو» وتبدّل مخطّطاته، وفق ما جاء في كلمة مرشد الثورة السيد علي خامنئي أمس، لمناسبة يوم القوة الجوّية (يصادف يوم 8 شباط تاريخ مبايعة القوة للإمام الخميني قبل انتصار الثورة في 1979 بأيام)، والتي بدت رسماً لملامح الرؤية الإيرانية لمرحلة جديدة تريدها القيادة الإيرانية على قدر من التوازن يحفظ مناعة النظام ويحصّنه من تجاوز الثوابت.
خامنئي: وقوع الحرب على إيران مستبعد وليس مستحيلاً

وقال خامنئي أمام حشد من قادة وكوادر سلاح الجوّ الإيراني: «الإدارة الأميركية وقحة إلى الحدّ الذي ترتكب معه أبشع الأعمال ومن ثمّ تبتسم في وجهك»، متسائلاً «ألا ينبغي اتخاذ الحيطة والحذر من هكذا عدوّ؟»، رافضاً اعتبار احتمال وقوع الحرب على إيران مستحيلاً، وإن كان «مستبعداً في الظروف الراهنة».
استبعاد نشوب الحرب ضدّ إيران عزاه خامنئي إلى المخطط الرئيسي المعمول به اليوم لمواجهة الجمهورية الإسلامية وهو «الحرب الناعمة التي تستهدف إفراغ الدولة والشعب الإيراني من عناصر القوّة» وتغيير الطبيعة والهوية الثورية لإيران عبر إيقافها عن مواصلة حركتها نحو الأهداف الباعثة على العزّة والقوة، وإعادة هيمنة الأجانب على البلاد. ونبّه إلى أنّ إفراغ الشعب من عناصر اقتداره هو بمثابة الاستسلام، فلو «ضعف الشعب، فإنّ مواجهته لا تتطلّب حرباً خشنة»، والطريق الوحيد للوقوف أمام ذلك «هو صون الفكر الثوري».
وعرض خامنئي مراحل عمل «جبهة الأعداء الواسعة» منذ بداية انتصار الثورة، حيث سعى هؤلاء في تقسيم إيران وفرض الحرب عليها على مدى 8 أعوام، ومن ثم الحظر المتزايد الذي فرض عليها، وقال: «إن الشعب وقف إلى جانب الدولة في جميع الظروف، وإن الباري تعالى نصر الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني وحوّلهما إلى قوة إقليمية وحتى مؤثّرة ونافذة في بعض القضايا العالمية». لكنّ خامنئي شدّد في الوقت عينه على ضرورة الحذر الكامل والدائم من مخطّطات وأهداف جبهة الأعداء، معتبراً أن «الذين يغفلون عن أعدائهم ويعقدون الأمل عليهم لا يحظون أبداً بالتكريم والإشادة من الشعب».
وأشار مرشد الثورة الإيرانية إلى ملفّ الانتخابات (26 شباط) قائلاً إن "إصراري على مشاركة الجميع في الانتخابات يعود الى أن المشاركة الجماعية تمنح البلاد العزة وتضمن مستقبلها، لذا فإن المشاركة في هذا الحدث العظيم تعتبر واجباً على الجميع".
وناشد خامنئي المسؤولين الإيرانيين بالقول «اجعلوا اقتصاد البلاد محصّناً كي يتخلّى العدوّ عن فكرة فرض الضغوط الاقتصادية لإملاء مطالبه»، مطالباً المسؤولين بالعمل «لدفع عجلة تقدّم البلاد إلى الأمام من خلال توجيه الأرصدة نحو الإنتاج الصناعي والزراعي وتحقيق ازدهار الإنتاج وحلّ مشكلة الركود، ليدرك العدوّ بعدها عدم جدوى الحظر».
وهاجم خامنئي السياسة الأميركية، واصفاً مزاعم واشنطن الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية بأنها «تبعث على السخرية»، فهم «يدعمون الكيان الصهيوني القاتل للأطفال وحلفاءهم الإقليميين ــ في إشارة إلى النظام السعودي ــ الذين لا يملكون أدنى معرفة بالانتخابات ولا يفهمون الانتخابات أساساً». وأضاف «إن الأميركيين لا يردّون على أبسط أسئلة الرأي العام العالمي حول دعمهم للذين يرتكبون الجرائم الوحشية في اليمن، ويواصلون دعمهم بوقاحة لمرتكبي المجازر بحق شعب اليمن في أقسى صورة لإرهاب الدولة».
وقد دعا خامنئي إلى المشاركة في مسيرات إحياء ذكرى انتصار الثورة (11 شباط).