نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، أيّ ضلوع لكييف في تفجير خطي أنابيب «نورد ستريم»، في وقت تكثر فيه التكهنات والمعلومات حول احتمال وقوف بلاده خلف هذه العملية. وآخرها تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الثلاثاء، أشار إلى أنّ وكالة استخبارية أوروبية أبلغت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» بأنّها على علم بخطة وضعها فريق أوكراني للعمليات الخاصة لتفجير خط أنابيب الغاز العام الماضي. وقال زيلينسكي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «بيلد» الألمانية، إنّه بصفته رئيساً للبلاد، فإن لديه صلاحية إصدار الأوامر. وأضاف: «لم أفعل شيئاً من هذا القبيل. وما كنت لأفعل ذلك إطلاقاً»، وفقاً لمترجم ألماني. وتابع: «أعتقد أنّ جيشنا وأجهزتنا الاستخبارية لم تفعل شيئاً كهذا»، مطالباً بـ«رؤية الأدلة»، علماً أنّ أي اعتراف من جهة كييف بالضلوع في هذا التفجير يخاطر بتوجيه ضربة قوية للعلاقات بين كييف وبرلين.
ويأتي هذا النفي بعدما أفادت صحيفة «واشنطن بوست»، بأنّه قبل ثلاثة أشهر من قصف «مخربين» لخطّ «نورد ستريم»، أبلغ حليف وثيق لواشنطن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأن الجيش الأوكراني خطط لهجوم سري على الشبكة، باستخدام فريق صغير من الغواصين الذين كانوا يقدّمون تقاريرهم مباشرةً إلى القائد العام لـ«القوات المسلحة الأوكرانية».
وقد جمع جهازُ استخباراتٍ أوروبي تفاصيل الخطة، وشاركها مع وكالة المخابرات المركزية، في حزيران العام الماضي. وبحسب الصحيفة، تُقدّم هذه التفاصيل الأدلة الأكثر دقةً حتى الآن حول علاقة كييف بالهجوم الذي وقع في بحر البلطيق، والذي وصفه المسؤولون الأميركيون والغربيون بأنه «عمل تخريبي ووقح، ويشكل خطراً على البنية التحتية للطاقة في أوروبا».
يُشار إلى أنّه تم الوصول إلى تقرير المخابرات الأوروبية عقب تسريب عضو «الحرس الوطني الجوي» لولاية ماساتشوستس، جاك تيكسيرا، لمجموعة من الوثائق السرية عبر منصة «ديسكورد».
وتظهر التفاصيل «الدقيقة جداً»، والتي تأتي على ذكر عدد من المشاركين وأساليب الهجوم، أنه منذ ما يقرب من عام، كان لدى الحلفاء الغربيين أساس للاشتباه في ضلوع كييف في عملية التخريب. وقد عززت بعض الأدلة التي توصل إليها محققو إنفاذ القانون الألمان، في الأشهر الأخيرة، والتي كشفت عن أوجه تشابه مذهلة مع ما قال الجهاز الأوروبي إن أوكرانيا تخطط له، هذه المعطيات.
وفي تقريرها، تؤكد المخابرات الأوروبية أن المهاجمين المحتملين ليسوا «منفذين عابرين»، بل كانوا جميعهم على تواصل مع الجنرال فاليري زالوجني، أعلى ضابط عسكري في أوكرانيا، والذي تم تكليفه بالمهمة، كي «لا يعلم» رئيس البلاد، فولوديمير زيلينسكي، بالعملية، بحسب الصحيفة، التي تتابع أنّ إبقاء زيلينسكي بعيداً أتاح له، بشكل معقول، إنكار التورط في مثل هذا الهجوم الجريء على البنية التحتية المدنية، والذي كان يمكن أن يُشغل الغضب العام، ويُعرّض الدعم الغربي لأوكرانيا للخطر، لاسيما عندما يتعلق الأمر بألمانيا، التي كانت تتلقى نصف غازها الطبيعي من روسيا، والتي أمضت، فترة طويلة، في الدفاع عن مشروع «نورد ستريم» في مواجهة معارضة الحلفاء الأوروبيين الآخرين.
ويتزامن تسريب هذه المعلومات مع بروز مشهد شبيه بذاك الذي ساد بعد تفجير «نورد ستريم»، إذ تتّهم كييف حالياً موسكو بـ«تفجير» سدّ «نوفا كاخوفكا»، مع ما تسبب به هذا الأخير من أزمات إنسانية وبيئية، علماً أنّ «واشنطن بوست» نفسها، أوردت أخيراً، معلومات عن أنّ كييف شنّت، العام الماضي، ضربة تجريبية باستخدام قاذفة صواريخ «هيمارس» التي وصلتها من الولايات المتحدة، لإحداث ثلاثة ثقوب في إحدى بوابات السدّ، لمعرفة ما إذا كانت هذه الخطوة ستعيق تقدم القوات الروسية، قبل أن تعمد في وقت لاحق، إلى «تأجيل» العملية.