القاهرة | يبدو أن الوساطة العراقية التي انطلقت، خلال الأشهر الماضية، في مسعى إلى استئناف العلاقات بين مصر وإيران، ووصلت إلى ذروتها مع تولّي حكومة محمد شيّاع السوداني السلطة في بغداد، تقترب من التكلُّل بالنجاح بعد دخول سلطان عُمان، هيثم بن طارق، شخصيّاً على خطّها، وعدم وجود أيّ عراقيل كبرى مصرية أو إيرانية في طريق التطبيع بين البلدَين. فبعد زيارة السلطان للقاهرة ثم طهران، خرجت إشارات إيجابية من العاصمة الإيرانية، فيما تفضّل مصر، في الوقت الراهن، الإسراع في إنجاز ما جرى التوافق عليه من أجل فتح قنوات الاتصال الرسمي على أعلى مستوى، على رغم أن الاتصالات لم تنقطع، حتى في ظلّ الأزمة الخليجية - الإيرانية. ومع هذا، جرت آخر محاولات استعادة العلاقات الدبلوماسية خلال حُكم الرئيس الراحل، محمد مرسي، الذي زار طهران لحضور القمّة الإسلامية، غير أن سرعة سقوط نظامه، لم تساعد في استئناف العلاقات. وعلى رغم أن إعلان التطبيع قد يَحدث في أيّ لحظة، بما يمهّد للقاء يجمع رئيسَي مصر وإيران - كما جاء في توصيات الاجتماعات التي شارك فيها وسطاء -، إلّا أن ثمّة عقبات يَجري العمل على حلحلتها، وسط استمرار جولات الوسطاء المكوكية من مسقط إلى بغداد فالقاهرة وطهران.
جاء دخول سلطنة عمان على خطّ التفاوض بسبب الرغبة المصرية في وجود ضامن خليجي

وكشفت مصادر مصرية مطلّعة، لـ«الأخبار»، أن رئيس «تيار الحكمة» العراقي، عمار الحكيم، حمل معه إلى القاهرة، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعقد لقاءات مع مسؤولين مصريين وإعلاميين، رسائل من طهران حول استئناف العلاقات، وتسوية العديد من الموضوعات العالقة وغير المرتبطة فقط بإعادة افتتاح الممثليات الدبلوماسية بين البلدَين، بل وأيضاً بملفّات إقليمية من اليمن إلى سوريا والعراق ولبنان. وأبلغ الحكيم، المسؤولين المصريين، أن طهران ترغب في استئناف العلاقات سريعاً، وأن الأمر مرتبط بالتأكد من أن الانفتاح على المحيط الإقليمي سيكون هو الأفضل بالنسبة إليها. وتشتمل الرؤية المصرية، في الوقت الحالي، على ضرورة العمل على استعادة اللقاءات والزيارات ليس فقط مع الإيرانيين، ولكن أيضاً مع السوريين والأتراك، من أجل عودة قنوات التواصل والتنسيق، ولكن بما لا يتعارض مع المصالح التي تجمع مصر بالولايات المتحدة أو قبرص واليونان، والتزام الحياد في القضايا الخلافية. ومع أن القاهرة ستظلّ ملتزمة بعدد لا بأس به من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، لكن في المقابل ستكون لديها مساحة مناورة يمكنها العمل فيها على التعاون، وبخطوات لن تكون سريعة بقدر ما يَتوقّع البعض، وإنْ مؤثّرة، وخاصة مع تجاوز عقبة مهمّة هي توقيع الاتفاق الإيراني - السعودي، ودخوله حيّز التنفيذ. وجاء دخول سلطنة عمان على خطّ التفاوض بسبب الرغبة المصرية في وجود ضامن خليجي، وللتأكد من عدم ممانعة هذه الدول، ولا سيما أن الخليج أبدى تحفّظات في أوقات سابقة على اتصالات معينة جرت بين القاهرة وطهران، حتى في ظلّ القطيعة الدبلوماسية.
في المقابل، يبدو أن العلاقات المصرية مع تركيا تسير بشكل سريع، ليس فقط بسبب الرغبة المصرية في الحصول على استثمارات قطرية في ظلّ دعم الدوحة للتقارب المصري - التركي، ولكن أيضاً لوجود فرص استثمارية بين البلدَين، مرتبطة برفع معدّل التبادل التجاري، والتبادل بالعملات المحلّية، وتشابه الضغوط الاقتصادية عليهما. وأعلن الرئيسان المصري والتركي عبد الفتاح السيسي ورجب طيب إردوغان، في أول اتصال بينهما غداة التجديد للأخير، تبادل السفراء في خطوةٍ تسبق الزيارة المرتقبة للرئيس التركي إلى القاهرة، والتي تأخّرت نتيجة انشغاله بالحملة الانتخابية.