مثّلت الفترة الممتدّة بين عامَي 1967 و1977 «العصر الذهبي» بالنسبة إلى دعم اليهود الأميركيين لإسرائيل
مثّلت الفترة الممتدّة بين عامَي 1967 و1977 «العصر الذهبي» بالنسبة إلى دعم اليهود الأميركيين لإسرائيل، وفق ما يتتبّع واكسمان تطوّر هذه العلاقة. وهو الوقت الذي نَظر فيه هذا الطيف الكبير إلى الدولة العبرية، على حدّ تعبير المؤرّخ ستيفن روزنتال، على أنها «موضوع تبجيل علماني». ومنذ ذلك الحين، وخصوصاً على امتداد العقدَين الماضيَين، أدّت التغييرات السياسية والثقافية في كلّ من إسرائيل والولايات المتحدة إلى تقسيم اليهود الأميركيين، ليصبح دعْم إسرائيل، الذي كان يوماً ما مصدراً للوحدة في المجتمع، محرّكاً للخلاف. على أنه لا ينبغي المبالغة في التمنّي، ولا سيما أن «إيباك» لا يزال، إلى حدٍّ بعيد، اللوبي الأكبر والأكثر تأثيراً في الولايات المتحدة ولدى اليهود الأميركيين.
الحديث عن أزمة في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، وعلى قدْر ما يحمل من تمنّيات، لم يَعد منذ وقت ليس بقليل، مستغرَباً، وليس مرتبطاً، بحال من الأحوال، فقط، بمأزق التشريعات الحكومية الأخيرة، والتي جرى تجميدها مؤقّتاً لتسكيت المخاوف المُعبَّر عنها في الداخل الإسرائيلي، كما في الخارج. ومن سمات اجتماع الحليفتَين أنه «لا توجد أُمّة مثلنا، باستثناء إسرائيل»، والمقصود بقول الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، هذا، أنهما تتشابهان إلى حدّ الالتحام. لكن ما ظُنَّ أنه «حبٌ مطلق» لا يتبدّل بتبدُّل الظروف، لم يَعُد كذلك. ففكرة أن «إسرائيل بحاجة إلى مساعدة أميركية لتأمين وجودها، وأن البلدين يشتركان في مجموعة من المبادئ الديموقراطية لم يَعُد منطقيّاً»، على حدّ تعبير ستيفن كوك في مجلّة «فورين بوليسي». وفي سياق ما حُكي عن ضرورة إصلاح العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، يرى روبرت بلاكويل المسؤول الكبير السابق في إدارة بوش، وفيليب غوردن، الذي عمل في إدارة أوباما، أن العلاقات في خطر، بسبب جملة عوامل؛ من بينها التحوّلات المهمّة في السياسات في شأن قضايا الشرق الأوسط، وكذلك التغيُّر الديموغرافي، وتغيُّر السياسات داخل الولايات المتحدة وإسرائيل على السواء، ما أدّى إلى تباعد الدولتَين. ويدعو المسؤولان السابقان، في هذا الإطار، إلى بذْل «جهد مدروس ومتواصل يقوم به صانعو السياسات وقادة الرأي في البلدَين» لإصلاح العلاقات وتجنّب الانقسامات التي «لا ينبغي أن يريدها أحد يهتمّ بأمن إسرائيل أو يقيّم أميركا ومصالحها في الشرق الأوسط». ويرى الباحثان أنه «لأسباب استراتيجية، وتاريخية، وأخلاقية يتعيّن على الحكومتَين بذْل كلّ ما في وسعهما لإعادة صياغة وإحياء الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية». وفي هذا الجانب أيضاً، يحثّ نمرود غورين، ويوناتان توفال، في «معهد الشرق الأوسط»، إدارة بايدن، على «إنشاء رابط مباشر بين ديموقراطية إسرائيل والعلاقة الخاصة بين الجانبَين»، إذ لا تكفي الإشارة، كما ورد في اتصال بايدن - نتنياهو، إلى أن «القيم الديموقراطية كانت دائماً، ويجب أن تظلّ، سِمة مميِّزة للعلاقة بين واشنطن وتل أبيب». ولا يقلّ أهميّة عن ذلك، وفق الكاتبين، التأكيد أن «العلاقة ستعاني في غياب تلك القيم الديموقراطية. ولهذه الغاية، يجب أن تُحدَّد الخطوط الحمر المتعلّقة بالرفاهية الديموقراطية لإسرائيل، وأن توضّح العواقب المترتّبة على تجاوزها. وغنيّ عن القول، يجب أن تكون واشنطن مستعدّة لتنفيذ العواقب في كلّ مرّة يتمّ فيها تجاوُز خطّ أحمر». وفي غضون ذلك، «يجب على الإدارة أن تواصل تأجيل دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض»، وأن «تعلن أنها لن تجري أيّ أعمال مع أعضاء الحكومة اليمينية المتطرّفة»، وأن «تضع أيضاً قيوداً على التمويل الأميركي العام والخاص للمنظّمات الإسرائيلية التي تعزّز أجندات التفوّق اليهودي والعنصرية والفاشية، وتصنّف أولئك الذين يتبنّون العنف على أنهم منظّمات إرهابية».
هل العلاقة الأميركية الإسرائيلية في مأزق حقيقي، أم أنّ ما يجري ليس إلّا جولة أخرى من نزاع عائلي طويل الأمد؟ توضّح عاماً بعد آخر، أن الظروف التي حافظت على العلاقات في الماضي، تتغيّر، على رغم أن الجانبَين لا يزالان يشتركان في تحالف يصعب فكّ أحجيته.