تشهد حكومة رئيسة البيرو دينا بولوارتي، التي تولّت السلطة إثر «الانقلاب الناعم» المتمثّل في عزل الرئيس اليساري بيدرو كاستيو، عثرات عدّة، لا سيّما لمواجهتها التظاهرات التي تطالب بتنحّيها بقمع شديد، والتي كانت أجبرتها قبل يومين على المطالبة بـ«هدنة وطنية».
وعلى الرغم من القمع الأمني الذي أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصاً منذ بدء الاحتجاجات في 7 كانون الأول الماضي، يواصل آلاف البيروفيين المطالبة باستقالة بولوارتي التظاهرات، لا سيّما في مقاطعة بونو التي شهدت الشهر الماضي أعنف التظاهرات ومحاولة الاستيلاء على المطار في مدينة جولياكا.

وأفادت وسائل الإعلام المحلية بأن المتظاهرين في مدينة لوس ألاموس، بإقليم إيكا، في جنوب وسط بيرو ، تعرضوا للهجوم في ساعة مبكرة من صباح اليوم من قبل ضباط شرطة يرتدون ملابس مدنية وأفراد من وكالات الأمن الخاصة، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات.

والثلاثاء الماضي، قامت قوات الأمن البيروفية بقمع عنيف للمتظاهرين الذين شاركوا في المسيرة الوطنية الكبرى التي نظمت في شوارع وسط مدينة ليما، مطالبةً باستقالتها وإجراء انتخابات مبكرة، وإغلاق الكونغرس والبدء بتشكيل جمعية تأسيسية، والإفراج عن الرئيس المنتخب شرعيّاً ييدرو كاستيو.

وإزاء ذلك، مدّدت حكومة بيرو، أمس، قرار «عسكرة» مقاطعة بونو الجنوبية المتمثل بحالة الطوارئ التي فرضت سابقاً في 15 من الشهر الجاري، لمدة 10 أيام، حيث يجب على جميع الأشخاص البقاء في المنزل من الساعة 8:00 مساءً حتى الساعة 4:00 صباحاً، بينما إرسال القوات إلى المنطقة.

وتشمل حالة الطوارئ المفروضة أيضاً مناطق ليما وكالاو وكوسكو، في محاولة لتطويق المناطق التي تركزّت فيها عمليات التعبئة ضد الحكومة الانقلابية.

والأربعاء الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء الكونغرس اقتراحاً بشأن منصب شاغر ضد دينا بولوارتي، بسبب «العجز الأخلاقي الدائم لرئيس الجمهورية» وفق أحكام المادة 113-2 من الدستور السياسي لبيرو. وقدّم هذا الاقتراحح لمشرع نيفيس ليماتشي، بدعم من نواب آخرين، في سياق الاحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد للمطالبة باستقالة بولوارتي، وكذلك القمع الشديد من قبل قوات الأمن.

وقالت الوثيقة التي تقدّم بها النواب إن «بلدنا ينزف بسبب الإدارة الرديئة للحكومة وقوى النظام بقيادة السيدة بولوارتي»، وأشارت إلى أن بولوارتي هي «أظهرت في نظر العالم أنها ليس لديها أي ذرة من الحساسية الإنسانية تجاه شعوب بلادنا».

كذلك، قدمت وزيرة الإنتاج، ساندرا بيلاوندي، استقالتها يوم الأربعاء الماضي، وهي الاستقالة السادسة من حكومة بولوارتي خلال شهر. وكانت وزيرة التعليم باتريشيا كوريا، والثقافة جاير بيريز، أول من استقال في 16 الشهر الماضي، بعد الاحتجاجات في أنداهوايلاس وأياكوتشو التي انتهت بمقتل ما لا يقل عن 20 متظاهراً.

وعلى الصعيد الخارجي، سحبت حكومة بيرو سفيرها بشكل نهائي في هندوراس، اليوم، بعد التصريحات حول الأزمة البيروفية التي أدلت بها الرئيسة الهندوراسية، زيومارا كاسترو، خلال القمة الأخيرة لمجتمع «دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي» (سيلاك) التي عقدت في الأرجنتين، بإدانتها «الانقلاب في بيرو والعدوان الذي يتعرض له الشعب البيروفي»، معبّرة عن التضامن مع الرئيس المنتخب شرعياً بيدرو كاستيو وطالب بالإفراج الفوري عنه.

وأضافت: «اليمين لا يهدأ، بكل استهزاء يتحدث عن التنمية ويخططون لانقلابات. ومن خلال أجهزتهم الإعلامية ومقاطعتهم الاقتصادية والاضطهاد السياسي للقانون، فإنهم يواصلون العدوان الدائم على شعوبنا».