يبدو كأنه يعمل في مهن «الياقات البيضاء»؛ إذ لا يتخلّى عادةً عن وضع ربطة العنق، كما «الكيباه» (القلنسوة) فوق رأسه وشعره غير المسرّح. أمّا المسدس فحاضر على خاصرته بينما يسير في الشوارع بين الفلسطينيين، وخصوصاً عندما «لمع نجمه» في الشيخ جراح. هذا ما أصبح عليه إيتمار بن غفير، الذي كان ابن 16 عاماً عندما انضمّ إلى حركة «كاخ» المحظورة في الكيان والولايات المتحدة، والتي قادها الحاخام مائير كاهانا.بالرغم من أنه يدّعي أنه ليس واحداً من أتباع الحركة، لا ينكر بن غفير أنه «تعلّم من كاهانا أموراً وصفات حميدة. كاهانا صادق وأيقونة». الأخير الذي تعود جذور بن غفير إلى شجرته الأيديولوجية، وصل في عام 1984 إلى «الكنيست»، وقدّم مجموعة من مشاريع القوانين العنصرية؛ أبرزها قانون «المواطنة الإسرائيلي وتبادل السكان يهوداً وعرباً»، وقانون «لمنع اختلاط اليهود بالأغيار للمحافظة على النقاء اليهودي لشعب إسرائيل». قوانين تُوازيها في عهد النازية «مواطنة الرايخ»، و«حماية الدم والشرف الألمانيَّين» اللذان سُنّا في 15/09/1935 خلال مؤتمر خاص للرايخستاغ، عُقد بمناسبة سنوية الحزب النازي في مدينة نيرنبرغ.
بادر كاهانا إلى طرح مشاريع لا تقلّ عنصرية، بينها «مكانة غير اليهود» الذي دعا إلى تجريد المواطنين الفلسطينيين في أراضي الـ 48 من الحقوق المدنية، ومن حق المشاركة في المسار السياسي في دولة إسرائيل، ومن حقهم في التصويت لأيّ جسم وطني أو حزب أو انتخابات، ومن حقهم في السكن في القدس... وهو قانون موازٍ لآخر في العهد النازي يدعى «مكانة اليهود». للمفارقة، فإن مَن اعترض على مبادراته تلك، كان ميخائيل إيتان، أحد أعضاء «الكنيست» من حزب «الليكود»، بينما الأخير اليوم لم يَعُد إلى الحُكم إلّا بالاتّكاء على أبناء كاهانا، ليتابع هؤلاء معاً ما اقترفه الأوّلون في مجزرة الحرم الإبراهمي وغيرها من المجازر ضدّ الفلسطينيين.
إيتمار، حليف نتنياهو، ادّعى سابقاً أنه لا يتابع مسيرة كاهانا، ولكن معظم أعضاء قائمته «عظَمة يهودية»، ينحدرون من الحركة المحظورة، كما أن كوادرها الأساسية وصنّاع القرار فيها هم من أمثال بينتسي غوبنشطاين، زعيم تنظيم «لهافا» الذي يدرّب المستوطنين على قتْل الفلسطينيين وترويعهم، ويناضل لمنع اختلاط الفتيات اليهوديات بالأغيار؛ وعضو «الكنيست» السابق، ميخائيل بن آري، الذي يجاهر مع غوبنشطاين بانتمائه إلى «كاخ»، وبمتابعة مسيرة كاهانا. هذان وغيرهما، مثلهم مثل بن غفير الذي دعا سابقاً إلى «طرد الأعداء وتهجيرهم. كلّ من ليس موالياً لإسرائيل فلنُعطه بطاقة باتجاه واحد».
بن غفير، المولود عام 1976 في القدس، لأبوَين ينحدران من أصول عراقية، يقود اليوم «عظمة يهودية»، ويمثّلها في الكنيست ضمن «الصهيونية الدينية» التي تعبّر عن «صفوة» اليمين الراديكالي الإسرائيلي. قبل وصوله إلى «الكنيست» منذ الانتخابات السابقة، عمل مستشاراً إعلامياً لدى زميله السابق، ميخائيل بن آري، والمتحدّث باسم «الجبهة اليهودية الوطنية». في خلال حياته السياسية، قُدّمت ضدّه، كما يقول، أكثر من 35 لائحة اتهام حُوكم في ثمانٍ منها على خلفية العنصرية، والتشويش على عمل الشرطة، والمشاركة في احتجاجات؛ فيما ربح بعض الدعاوى ضدّ الشرطة الإسرائيلية.
ينام بن غفير أربع ساعات فحسب يومياً، فهذا كافٍ بالنسبة إليه، كما يعرّف عنه موقع «كيباه» العبري ضمن مجموعة من المعلومات الشخصية حوله. «حزار بتشوفاه» في سنّ الرابعة عشرة (أي أنه تاب، أو بمعنى عاد بإجابة إلى الرب، وهي عملية يعمّق فيها اليهودي إيمانه الديني)، على خلفية توقيع «اتفاق أوسلو»، علماً أنه نشأ في أسرة غير ملتزمة دينياً، و«لكنها تقبّلت قراره وشجّعته». نجح في دعوى رفعها ضدّ شرطي إسرائيلي أشهر مسدّسه بوجه كلبه «تشومبي»؛ إذ دانت المحكمة الشرطي، وحكمت لمصلحة كلب بن غفير بتعويض قيمته حوالي 5 آلاف دولار. كما نجح في دعوى أخرى ضدّ الشرطة التي اتّهمها بانتهاك حقوقه، وتلقّى تعويضاً مقابل ذلك بحوالي ربع مليون شيكل.
إحدى مهمّاته الأساسية في البيت هي تولّي المسؤولية عن اللحم؛ حيث «يَمنع أن يهتمّ أحدهم بطبخ اللحوم غيره». والدته، شوشانا، كانت عضواً في منظمة «الإتسيل» التي قتلت وهجّرت الفلسطينيين إبان النكبة. تَعرّف إلى زوجته عندما مثّلها أمام المحكمة لأنها رفضت قرار إخلاء بيتها في إحدى البؤر الاستيطانية في الخليل. ابنه لاعب كرة قدم في نادي «يرمياهو» لكرة القدم في حولون. من بين تصريحاته العنصرية أن «زوجتي أنجبت وهي تريد أن ترتاح وتنام، لا أن تجلس في المستشفى بجانب العرب الذين ينظّمون حفلة للمولود ويزعجونها، وبعد عشرين عاماً يأتون لقتل مولودنا الجديد. إن العرب هم أعدائي، ولذلك لا أشعر بالعادة بقربهم».