موسكو | حَفَل جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بلقاءات مع رؤساء دولٍ أعضاء في «منظّمة شنغهاي للتعاون»، على هامش أعمال القمّة التي انطلقت في مدينة سمرقند في أوزباكستان أمس. لكن الأنظار اتّجهت إلى اللقاءَين اللذين جمعا بوتين إلى نظيرَيه الصيني شي جين بينغ، والإيراني إبراهيم رئيسي، وجاءا ليؤكّدا التطوّر المستمرّ في العلاقات بين موسكو وكلّ من بكين وطهران، خصوصاً على خلفية موقف هذين البلدين الداعم للموقف الروسي في أوكرانيا. وقال بوتين لنظيره شي، إن التوافق بين بلدَيهما يلعب دوراً حاسماً في ضمان الاستقرار العالمي والإقليمي. وأضاف أنهما «يدافعان بشكل مشترك عن تشكيل عالم عادل وديموقراطي ومتعدّد الأقطاب على أساس القانون الدولي والدور المركزي للأمم المتحدة، وليس على بعض القواعد التي توصّل إليها طرف ما ويحاول فرضها على الآخرين من دون توضيح ماهيّتها»، لافتاً إلى أن «محاولات إنشاء عالم أحادي القطب، اتّخذت أخيراً شكلاً قبيحاً وغير مقبول على الإطلاق بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الدول على هذا الكوكب». على أن التطوّرات في كل من أوكرانيا وتايوان لم تغِب عن محادثات الزعيمَين، حيث ثمّن بوتين موقف الصين «المتوازن» من الأزمة الأوكرانية، وتفهُّمها للمخاوف الروسية في هذا المجال، فيما دان «الأعمال الاستفزازية» للولايات المتحدة والدول التابعة لها، في مضيق تايوان، مجدّداً تمسّك روسيا «الحازم» بـ«مبدأ الصين الواحدة». من جهته، أبدى شي استعداد بلاده لتقديم الدعم إلى روسيا في القضايا التي تمسّ المصالح الرئيسة للبلدَين، خصوصاً أن عليهما «حماية المصالح المتعلّقة بالأمن الإقليمي، وكذلك مصالح الدول النامية والأسواق الناشئة»، مشيراً إلى تَطلُّع الصين لـ«تعميق التعاون (مع روسيا) في مجالات التجارة والزراعة والاتصالات».
جاءت القمّة في وقت تشهد العلاقات الاقتصادية بين موسكو وبكين تقدُّماً ملحوظاً

وجاءت القمّة في وقت تشهد العلاقات الاقتصادية بين موسكو وبكين تقدُّماً ملحوظاً، مع بلوغ حجم التبادل التجاري بينهما 117.205 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، علماً أن بوتين كان قد أعلن، في وقت سابق، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيبلغ 200 مليار دولار قريباً، بفضل المشاريع الاستثمارية التي يعملان عليها بقيمة 160 مليار دولار. كذلك، ارتفعت «حصّة التسويات بالعملات الوطنية في التجارة بين روسيا والصين، في الربع الأوّل من هذا العام، إلى 27.5%»، وفق ما بيّنه بوتين، في حين سُجّل تطوّر كبير في ملفّ الطاقة، بعدما زادت روسيا من صادراتها من الغاز والنفط إلى الصين، وانتقل البلدان إلى نظام الدفع بالعملات الوطنية. وفي ملفّ الغاز تحديداً، تعمل الدولتان على زيادة حجم صادرات الغاز الروسي إلى الصين، عبر وضْع خطّة لبدء إنشاء خطّ أنابيب «سويوز فوستوك» (اتحاد الشرق) عبر منغوليا. ووفق بوتين، فإن تطوير التعاون في مجال الطاقة بين البلدان الثلاثة يُعدّ أمراً واعداً، مشيراً إلى أن شركة «غازبروم» تقوم، في الوقت الراهن، بالانتهاء من مشروع «سويوز فوستوك»، متحدّثاً عن أن هناك أيضاً فرصاً جيّدة لزيادة إمدادات الكهرباء الروسية إلى كلّ من الصين ومنغوليا، على أن تبلغ بحلول نهاية العام الجاري، 20%، أي ما يصل إلى مليارَي كيلووات. كما دعا بوتين كلا البلدَين إلى التحوّل إلى نظام تسوية المدفوعات بالعملة الوطنية، وتشجيع التعاون بين دوائر الأعمال في البلدان الثلاثة.
وتُختتم، اليوم، قمّة «منظّمة شنغهاي للتعاون»، التي استمرّت ليومين، على أن يَصدر «إعلان سمرقند» الذي سيسعى إلى «عَكْس المواقف الموحّدة لجميع بلدان المنظّمة»، وفق ما أعلن مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف. وأوضح أنه «من المتوقّع اعتماد مجموعة كبيرة من الوثائق، حيث تمّ وضع أكثر من 20 وثيقة والاتفاق عليها من بينها الخطّة الخمسية الشاملة المقبلة لتنفيذ أحكام معاهدة حُسْن الجوار والصداقة والتعاون على المدى الطويل للفترة 2023-2027، وهي أيضاً خريطة طريق للزيادة التدريجية في حصّة العملات الوطنية في التسويات المتبادلة».