طهران | على رغم مضي بضعة أيام على انتهاء محادثات فيينا، لا تفتأ الأخبار المتناقضة تنتشر من كل حدب وصوب حول مصير هذه المحادثات والموقف الإيراني من الرُزمة الأوروبية المقترحة، والرامية إلى إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة». واستؤنفت الجولة الأخيرة من المفاوضات المتوقّفة منذ نحو خمسة أشهر، يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، في فيينا، من دون أن تفضي إلى نتيجة، إذ عُقدت هذه الجولة بعدما أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنه اقترح رزمة جديدة تنطوي على آليات تمّ تحديثها في ما يخص رفع العقوبات الأميركية عن إيران، والخطوات النووية الإيرانية. وفور انتهاء جولة المحادثات، قال المسؤولون الأميركيون ومسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه جرى تقديم «نص نهائي» «لا يقبل التغيير» إلى جميع الأطراف، وإنه ينبغي «إمّا قبوله، أو الإعلان عن فشل المفاوضات». لكن مسؤولاً في وزارة الخارجية الإيرانية رفض هذا الزعم، وقال: «نظراً إلى استمرار النقاشات حول عدة موضوعات مهمّة متبقّية، فإنّنا لسنا في مرحلة تؤهّلنا للحديث عن وضع نصّ نهائي للاتفاق عليه في فيينا». ويقع في صلب الخلافات بين الطرفين، ملفّ الأنشطة النووية الإيرانية السابقة في ثلاثة مواقع، إذ تدعو طهران إلى إغلاق هذا الملفّ لدى «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» قبل إحياء الاتفاق النووي.بيْدَ أن التقرير الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الخميس الماضي، وفيه قالت إن «أوروبا وأميركا قَبِلتا في محاولة إغلاق ملفّ إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومسألة الضمانات في الوكالة ومجلس محافظيها، في حال تعاونت طهران مع الوكالة بخصوص التساؤلات المثارة حول ماضي برنامجها النووي». ما تقدَّم، أحدث انطباعاً بأن الخلافات قد سوّيت وطُويت، وبأن الاتفاق سيرى النور قريباً. لكن، وبعد يومين على نشْر هذا التقرير، كان هناك، وفق مواقف الأطراف الإيرانيين والأميركيين، انطباعاً مختلفاً، فيما لا تزال الخلافات على حالها، ولم يتمّ التوصّل إلى اتفاق نهائي في شأنها. وتفيد المعطيات التي استقتها «الأخبار»، بأن الجمهورية الإسلامية لم تتّخذ بعد قراراً نهائياً - سلباً أو إيجاباً - تجاه مسودة الاتحاد الأوروبي التي ما زالت قيْد البحث والدراسة لديها. وفي هذا الإطار، رفض مصدر قريب من الفريق الإيراني المفاوض، في حديث إلى «الأخبار»، بعض التكهنات حول موافقة إيران على المقترحات الأوروبية، وقال إنه «يجب على إيران أن تدرس ما إذا كانت هذه المقترحات تلبّي مطالبها في مختلف القطاعات، بما فيها المزاعم السياسية المتّصلة بمسألة الضمانات والعقوبات وضمان استدامة الاتفاق، وهل بوسعها الوثوق بهذه الموضوعات أم لا».
توقّع المبعوث الروسي التوصّل إلى اتفاق في وقت مبكر من الأسبوع المقبل


وفي هذا الخصوص، ذكرت بعض وسائل الإعلام أن الجانب الأوروبي أمهل إيران حتى الـ15 من الشهر الجاري لإعطاء جوابها النهائي على النصّ المقترح. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، السبت، إنه «ينبغي تذكير البيت الأبيض بأن استخدام لغة التهديد مع إيران والإيرانيين، لن تكون مجدية».
من جهة أخرى، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، إنه لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق في ما يخصّ رفع العقوبات عن إيران. وأضاف، في مقابلة مع قناة «بي بي أس»، أوّل من أمس، أنه «لم يحصل اتفاق، لأنه طالما لم يتمّ الاتفاق على كل شيء، فإن اتفاقاً لن يحصل على أيّ شيء». ودحض مالي تقرير «وول ستريت جورنال»، قائلاً :«(إننا) لن نمارس أيّ ضغط على الوكالة الدولية لإغلاق ملفّ القضايا العالقة مع إيران». وفي هذا السياق، زعم موقع «بوليتيكو» الإخباري الأميركي، في تقرير نشر الجمعة، أنه وفقاً للمسودة الأوروبية لإحياء الاتفاق النووي، سيكون مسموحاً للمواطنين غير الأميركيين عقْد صفقات تجارية مع الشركات التي تتعامل مع الحرس الثوري الإيراني. وفي الحقيقة، يكون «بوليتيكو» قد ادعى، في تقريره، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم رفع بعض الضغوط عن الحرس من أجل التوصّل إلى اتفاق. وعلى رغم أن هذا الموضوع اعتبره «بوليتيكو» أحدث تنازل تقدّمه أوروبا، غير أنه رأى أن جزءاً من العقوبات الثانوية تعتبر مُلغاة بموجب الاتفاق النووي. ومع ذلك، لفت روبرت مالي إلى أن واشنطن لم تجرِ محادثات مع الأوروبين حول تخفيض معايير العقوبات على إيران، معتبراً أنه إذا أرادت الدول الأوروبية التجارة مع إيران، فيجب عليها احترام عقوبات الولايات المتحدة.
في هذه الأثناء، قال المبعوث الروسي إلى مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، في مقابلة مع وكالة الأنباء الحكومية «تاس»، إنه «قد يجري التوصّل إلى الاتفاق النهائي في شأن استعادة خطّة العمل الشاملة المشتركة في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، إذا شهدت المحادثات تطوّراً إيجابياً». وأضاف: «من الممكن أن تتّفق جميع الدول المشارِكة في مفاوضات فيينا على الصيغة التي قدّمها منسّقو الاتحاد الأوروبي في 8 آب، إلا إذا كانت هناك تعديلات أو اعتراضات... فعندها، سيكون من الصعب التنبّؤ بتطوّرات الأحداث. وفي جميع الأحوال، علينا الانتظار حتى الأسبوع المقبل».