مقالات مرتبطة
-
ابن سلمان في أحضان إردوغان: المال يتكلّم محمد نور الدين
والجزر المُواجِهة للساحل التركي في بحر إيجه (عددها أكثر من 12 خلافاً للمتداول)، كانت أساساً تابعة للدولة العثمانية التي خسرتها في الحرب الإيطالية على ليبيا عام 1911، ومن بينها جزيرة رودوس. ونصّت «اتفاقية أوشي»، عام 1912، على انسحاب الدولة العثمانية من ليبيا، في مقابل انسحاب إيطاليا من هذه الجزر. وفيما تَحقّق الشرط الأولى من الاتفاقية، لم يجد شرطها الثاني سبيله إلى التنفيذ. وفي «اتفاقية لندن»، في 30 أيار 1913، أعطت الدول الستّ المنتصرة في حرب البلقان (ألمانيا وروسيا والنمسا وإنكلترا وفرنسا وإيطاليا)، الجزر بشكل رسمي لإيطاليا، شريطة عدم تسليحها. لكن بعد هزيمة الأخيرة في الحرب العالمية الأولى، توزّعت السيادة عليها بين إيطاليا وبريطانيا، ثمّ جاءت «معاهدة لوزان» لتُثبّت واقع بقائها منزوعة السلاح. وفي الحرب العالمية الثانية، هُزمت إيطاليا، وأقرّ «مؤتمر باريس» عام 1947 انتقال سيادة المناطق الـ12 إلى اليونان، فيما لم تُطالب تركيا، في حينه، بالسيادة عليها. ونصّت المادة 14 من الاتفاقية على عدم تسليح تلك المناطق وخلوّها من التواجد العسكري. والجُزر الأساسية المعروفة هي بالتركية (يقابلها الاسم اليوناني): أستتيباليا (أسروووباليا)، رودس (رودس)، هيركي (خاركي)، كيربي (سكاربانتو)، تشوبان (كاسو)، إيلياكي (تيلوس)، إينجيرلي (نيسيروس)، كيليميز (كاليمنوست)، إيليريوز (ليروس)، باتنوز (باتموس)، إيليبسي (ليبسو)، سومبيكي (سيمي)، إستانكوي (كوس)، مايس (كاستيللوريزو).
دعا إردوغان، رئيس الوزراء اليوناني، إلى الامتناع عن تسليح الجزر الـ12 في بحر إيجه
ويعطي طه آقيول، الكاتب في صحيفة «قرار» والمعارض لإردوغان، الرئيس التركي الحقّ في صراعه مع اليونان، بالقول إن ميتسوتاكيس يهدّد أنقرة بالحرب، حين أشار إلى أن «لنا حلفاء أقوياء». وردّاً على خطاب رئيس الوزراء اليوناني، وعلى عزم بلاده إجراء مناورات بحرية، أجرت تركيا مناورات «أفيس» مقابل ساحل إزمير في بحر إيجه يومَي 8 و9 حزيران الجاري، فيما اعتبر البعض أن غضب إردوغان لم يكن بسبب المناورات اليونانية وخطاب ميتسوتاكيس فقط، بل أيضاً بسبب توثيق التعاون العسكري بين أثينا وواشنطن التي أقامت عدّة قواعد عسكرية على الحدود اليونانية مع تركيا، وبرّرتها اليونان بأنها لمواجهة روسيا. ويرى السفير التركي المتقاعد، طوغاي أولو تشيفيك، من جهته، أن الخلاف بين البلدَين حول تسليح الجزر من عدمه قديم، لكن الردّ التركي يبدو، بحسبه، «متأخّراً»، وهو ما يرجّح ارتباطه بمناخ الانتخابات الرئاسية.
بدورها، تَعتبر صحيفة «جمهورييات» أن تهديد إردوغان بعدم الاكتفاء بالاحتجاج والقيام بـ«الخطوات الضرورية»، قد يكون مؤشّراً إلى احتمال إقدام تركيا على خطوة عسكرية في هذه الجزر. لكن أوساطاً تركية ترى أنه إذا لم تتعرّض تركيا إلى تهديد جدّي، فلن تتّخذ خطوات عسكرية، وستكتفي بمراسلة الأمم المتحدة. أمّا في حال قامت اليونان بتسليح الجزر بشكل أو بآخر، فقد يكون ردّ تركيا مماثلاً لِما فعلته في قبرص عام 1974، عندما رأت أن الانقلاب الذي حصل هناك يهدّد أمنها القومي - كما الطائفة التركية في الجزيرة -، وقامت بغزو قبرص وفقاً لاتفاقيتَي زوريخ ولندن عام 1959، واللتين أعطتا الدول الضامنة (تركيا واليونان وبريطانيا) الحقّ في التدخّل في الجزيرة، في حال رأت أن هناك تهديداً لها. فهل يمكن أن يتعاظم التوتّر الحالي بين أثينا وأنقرة ويصل إلى الانفجار لتغيير وضع الجُزر الـ12، أم أن ذلك سيبقى لزوم توفير «العوامل المساعِدة» المرتبطة بالانتخابات الرئاسية بعد عام؟