في ظلّ التطورات الحاصلة على أكثر من مستوى، تَضعف فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني؛ وتقود إلى هذه الخلاصة مجموعة مؤشرات، لعلّ تبنّي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» قراراً ينتقد إيران لعدم تعاونها مع الهيئة الأمميّة، أبرزها، إذا أُخذ في الحسبان عاملان رئيسان: أوّلهما، زيارة مدير الوكالة، رافائيل غروسي، لإسرائيل لبحث الملف النووي الإيراني؛ وثانيهما، أن القرار المصادَق عليه من قِبَل مجلس حكّام الوكالة أُعدِّ من جانب الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية بهدف الضغط على الجمهورية الإسلامية حتى تقدِّم تنازلات وتوقّع على «الاتفاق الموجود»، كما يقرأ نصّه.شكّل هذا التطوّر مفاجأة بالنسبة إلى طهران التي اعتبرته «سياسياً وغير بنّاء»، وإن كان قد سبقته عوامل تقود، هي الأخرى، إلى استنتاج أن الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في عام 2018، انتهى إلى غير رجعة. وفي هذا السياق، يمكن إيراد تصريحات حتّى أكثر الجهات «تفاؤلاً» في احتمال أن تفضي محادثات فيينا إلى إحياء «خطّة العمل الشاملة المشتركة»؛ إذ يؤكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن «إمكانية إبرام اتفاق والعودة إلى الاتفاق النووي في طوْر التضاؤل»، وذلك نظراً إلى قضايا كثيرة عالقة، يأتي في مقدِّمها تمسُّك إيران بشرطَيْن اثنين: رفع كامل للعقوبات، وإزالة الحرس الثوري من القائمة الأميركية للإرهاب. وينضمّ إلى قائمة المتشائمين، مبعوث الولايات المتحدة الخاص في شأن إيران، روبرت مالي، الذي حذّر أخيراً، أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، من أن «فرص فشل محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي تتجاوز إمكانية نجاحها»، وذلك بسبب «المطالب الإيرانية المبالَغ فيها والتي لن نرضخ لها»، متعهّداً عدمَ التراجع عن الضغط على طهران في حال تمسّكها بمطالبها، على رغم قوله إن إدارة جو بايدن ما زالت تدعم الاتفاق الذي أبرمته إدارة باراك أوباما في عام 2015، وإنها لا تزال مستعدّة لرفع العقوبات «إذا نجحت في التوصُّل إلى اتفاق لإحيائه»، فيما أوضح أن بايدن «لا يدعم التحرّك العسكري»، وإن كانت «جميع الخيارات مطروحة».
تبدو محاولة إحياء الاتفاق النووي، وفق «مجلس العلاقات الخارجية»، «أمام طريق مسدود»


وتبدو محاولة إحياء الاتفاق النووي، وفق «مجلس العلاقات الخارجية»، «أمام طريق مسدود»، إذ يشير إلى أنه «على رغم أن جميع الأطراف أبلغوا سابقاً عن إحراز تقدُّم في القضايا النووية ومسألة العقوبات، إلّا أن إدراج الولايات المتحدة للحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية، يبدو مستعصياً على الحلّ، فيما لا يبدو أن إيران ولا أميركا على استعداد للتزحزح في شأن هذه القضية: تصرّ الأولى على أن التصنيف خارج شروط الصفقة، بينما تؤكد الثانية أن الحرس أُدرج في عهد إدارة ترامب للضغط على إيران على الجبهة النووية، وبالتالي يجب أن تكون إزالته جزءاً من حزمة الاتفاق».
في هذا الوقت، قرّرت إسرائيل، في مؤشّر إلى مواصلة التصعيد، تبنّي «استراتيجية جديدة» تنقل فيها حربها ضدّ الجمهورية الإسلامية من المساحة الرمادية إلى المواجهة المباشرة، كما أفاد رئيس حكومتها، نفتالي بينت، وذلك بعد الاغتيالات الأخيرة التي استهدفت خبراء نوويين إيرانيين وقيادياً في الحرس الثوري. وكان موقع «أكسيوس» الأميركي قد أورد أن بينت اقترح على بايدن، خلال زيارته للولايات المتحدة، في آب من العام الماضي، خطّة بعنوان «القتل بألف طعنة»، وهي استراتيجية تقوم على مواجهة إيران من خلال مجموعة من «الإجراءات الصغيرة» وعلى عدّة جبهات: عسكرية ودبلوماسية. ويتّضح من خلال ذلك، أن الإدارة ليست في وارد تجاهل المطالب الإسرائيلية، بل حتى إنها تنسّق معها على أعلى المستويات ضمن سيناريوات تقوم بصورة رئيسة على انتفاء العودة إلى الاتفاق، ما لم تحدث انفراجة كبيرة تبدو مستبعدة جدّاً.