طهران | لا تزال معظم التصريحات الصادرة عن الجانب الأميركي، أو الإيراني، توحي بنوع من التفاؤل المشوب بالحذر، في شأن إمكانية التوصّل قريباً إلى إحياء الاتفاق النووي، الموقّع في عام 2015. وعلى الرغم من أن المعلومات تفيد بأن هناك قبولاً أميركياً بإزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، بناءً على الطلب الإيراني، إلّا أن الولايات المتحدة اشترطت إبقاء «فيلق القدس» ضمن القائمة، وهو ما قوبل برفض طهران. على أن بوادر على اتفاق آخر بدأت تتبلور بين واشنطن وطهران، في ما يتعلّق بالإفراج عن سبعة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة لدى كوريا الجنوبية، في مقابل إخلاء إيران سبيل ثلاثة سجناء أميركيين من ذوي الجنسية المزدوجة الإيرانية ــــ الأميركية. وعلی هذه الخلفية، سیزور وزير الخارجية العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، طهران، قريباً، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وعن الأموال المجمّدة، كان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعید خطیب زادة، قد أشار، الاثنین الماضي، إلی الاتفاق على الإفراج عن سبعة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المحجوزة، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل. وتفيد معلومات بأنه جرى بالفعل تحصيل تلك الأموال من مبيعات النفط الإيراني، بعد تجميدها في مصرفَين كوريَّين جنوبيّين، على خلفية العقوبات الأميركية، على أن تُسلّم لإيران عن طريق سلطنة عمان. وفي المقابل، سيتمّ الإفراج عن كلّ من: سيامك نمازي، محمد باقر نمازي ومراد طاهباز، وهم ثلاثة سجناء احتجزتهم إيران بتهمة التجسّس. وقبل الاتفاق على ما سبق، تمّ الإفراج عن 470 مليون يورو من مستحقّات طهران على لندن، دفعتها الأخيرة مقابل الإفراج عن نازنين زاغري وأنوشة أشوري، السجينتين من ذوي الجنسية المزدوجة الإيرانية ــــ البريطانية.تجدر الإشارة إلى أن الجدل بين طهران وسيول لتسديد المستحقّات الإيرانية له تاريخ طويل؛ فقد تحدّثت سلطات البلدَين، مراراً، عن أن «العقوبات الأميركية» تشكّل العقبة الرئيسية أمام تحويل هذه الأموال إلى إيران. وفي الأشهر الأخيرة، مع بدء الجولة الجديدة من محادثات إحياء «خطّة العمل المشترك الشاملة»، عمدت الإدارة الأميركية الى تخفيف بعض العقوبات على طهران. من هذا المنطلق، أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، في كانون الثاني الماضي، أن واشنطن سمحت للحكومة بدفع الغرامة المتأخّرة والمستحقّة لشركة إيرانية لإنتاج الماكينات، بمبلغ 63 مليون دولار على الأقل. وبعدها، أعلنت سيول أنّها سدّدت مبلغ 18 مليون دولار من الأصول الإيرانية المجمّدة لديها، كديون كانت مترتّبة على إيران إزاء رسوم عضويّتها في الأمم المتحدة، لكي تستعيد بذلك الجمهورية الإسلامية حقّها في التصويت. ولا تقتصر الأصول الإيرانية المجمّدة جراء العقوبات الأميركية، على الأموال الموجودة لدى كوريا الجنوبية. فقد تحدّث المسؤولون الإيرانيون، في مناسبات مختلفة، عن أموال مجمّدة لدى اليابان تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار، وخمسة مليارات لدى العراق، و20 ملياراً لدى الصين، و1.6 مليار دولار لدى لوكسمبورغ. ولم يعلن رسمياً عن مقدار الأصول الإيرانية المجمّدة لدى دولٍ أخرى.
يبدو أنّ هناك اتّفاقاً مع سيول على الإفراج عن 7 مليارات دولار مقابل إخلاء سبيل 3 سجناء أميركيين


ويفيد مصدر دبلوماسي، «الأخبار»، بأن الاتفاق الأخير على تحرير جزءٍ من الأرصدة الإيرانية المجمّدة جاء ضمن الإطار المعروف بـ»الإجراءات المتبادلة لبناء الثقة»، تمهيداً لإحياء الاتفاق النووي، بصورة نهائية. وعن آخر مستجدّات المفاوضات الجارية في فيينا، يقول المصدر إن «مسوّدة التوافق باتت جاهزة بالكامل، تقريباً، غير أن ثمّة قضايا خلافية عالقة، أهمّها مسألة وجود الحرس الثوري على قائمة المنظّمات الإرهابية». ووفق هذا المصدر، فإن واشنطن، وردّاً على الطلب الإيراني، قدّمت عرضاً يقضي برفع الحرس الثوري عن قائمة الإرهاب، على أن تبقي على «فيلق القدس» ضمنها، إلّا أنّ هذا الاقتراح جُوبه برفضٍ إيراني. ويوضح المصدر ذاته أنه «على الرغم من أن موضوع الحرس الثوري لا يرتبط بشكل مباشر بالاتفاق النووي، إلّا أن دوره مهم في الاقتصاد الإيراني»، لافتاً إلى أن هذا الأمر «يثير قلقاً لدى طهران من أن يدفع الحظر على التعامل معه في بعض الدول، إلى اعتبار أن مخاطر التعاون الاقتصادي مع طهران كبيرة، وبالتالي ستُحرم إيران من المنفعة الاقتصادية التي يوفّرها الاتفاق النووي». وينبّه المصدر إلى أنه «كلّما تقدَّم الزمن، تراجعت حظوظ إحياء الاتفاق النووي، وذلك نظراً إلى تغيّر الظروف وتعزيز موقع معارضي الاتفاق، إن كانوا في إيران أو في الولايات المتحدة». ويتحدث عن أن «ثمّة احتمالاً أن يلجأ الطرفان، في حال استحالة إحياء الاتفاق النووي، إلى اتفاقات نسبية ومحدودة أخرى، على غرار الاتفاق الأخير بين طهران وسيول، الأمر الذي يوفّر مستوى من الرضى للطرفين، وإن بتكلفة سياسية أقل».