موسكو | وصلت العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي إلى لحظة حاسمة؛ فما قبل الأوّل من نيسان الجاري، لن يكون كما بعده بالنسبة إلى العلاقات بين الجانبين. وبعد سيل العقوبات الغربية، ومن ضمنها تلك الأوروبية، على روسيا، والتي لم تُقِم بروكسل أيّ وزن لمدى أهميتها، قرّرت موسكو نقل المواجهة إلى مستوى جديد سيكون له أثره البالغ على دول الاتحاد واقتصاداتها، بعد دخول مرسوم حول آلية سداد ثمن الغاز الطبيعي المورّد لـ«الدول غير الصديقة»، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، بالروبل الروسي، حيّز التنفيذ، اليوم. وبناءً على المرسوم، يتوجب على العملاء في «الدول غير الصديقة» فتْح حسابات لها بالروبل في المصارف الروسية. وفي هذا الإطار، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، إن بلاده ستعتبر أن مشتري الغاز الطبيعي في هذه الدول، «خرقوا العقود المبرمة، إذا رفضوا شراء الغاز الروسي بالروبل. وفي هذه الحالة، سيتمّ وقف العقود الحالية»، مشدّداً على أن روسيا «لن تقوم بأعمال خيرية» في ما يتعلّق بإمدادات الغاز الطبيعي. وقال: «لا أحد يبيع لنا أيّ شيء مجاناً، ولن نقوم بأعمال خيرية أيضاً: أي سيتم وقف العقود الحالية (في حالة عدم سَدَاد ثمن الغاز بالروبل)». وبحسب المرسوم المنشور على الموقع الرسمي للكرملين، يُعتبر «غازبروم بنك» مصرفاً مرخّصاً لتنفيذ التعاملات المالية المرتبطة ببيع الغاز الطبيعي، إذ يتوجّب على العملاء فتح حسابَيْن في هذا المصرف: الأوّل بالروبل الروسي، والثاني بعملات أجنبية، لسداد مدفوعات الغاز.وفي ما يبدو أنه عزْم أوروبي على التصدّي لآلية الدفع الجديدة، أعلن وزيرا الاقتصاد الفرنسي والألماني، في مؤتمر صحافي مشترك، أمس، أن بلديهما «يستعدان» إلى احتمال توقّف روسيا عن تسليم الغاز، وأكدا معارضتهما دفع ثمن الإمدادات بالروبل، التزاماً منهما بقرار «مجموعة السبع» القاضي بسداد مدفوعات الطاقة باليورو أو الدولار الأميركي، وفق ما جاء على لسان المستشار الألماني، أولاف شولتز، أثناء محادثة هاتفية مع بوتين. إعلانٌ يطرح السؤال عمّا ستؤول إليه الأوضاع في ألمانيا، أكبر اقتصادات أوروبا، في ما لو توقّفت عن شراء الغاز الروسي، وهي التي تعتمد عليه بنسبة تصل إلى 40% من حاجتها، وغيرها من الدول التي يُتوقّع أن تحذو حذوها.
قال بوتين إن الظروف ليست مهيّأة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا


وفيما تتفاقم التوترات على مستوى العلاقات الروسية - الأوروبية، نقل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، عن الرئيس الروسي، قوله، إن الظروف ليست مهيّأة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، معتبراً أنه من المبكر عقْد اجتماع مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. مع هذا، يستأنف وفدا موسكو وكييف المفاوضان محادثاتهما عبر تقنية الفيديو، بحسب ما أعلن عضو في الوفد الأوكراني المفاوض. وفي حين أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الجولة الأخيرة من المفاوضات في إسطنبول، سجّلت تقدّماً إيجابياً، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن «محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا مستمرّة، لكن في الوقت الحالي ليس هناك سوى كلام»، مجدّداً التأكيد على أنه «لن نقدّم أيّ تنازلات، وسنقاتل من أجل كل جزء من أرضنا، ومن أجل كل فرد من أفراد شعبنا». وتُعدّ إشارة زيلينسكي هذه رسالةً واضحة إلى أن كييف لن تسلّم لشرط موسكو الاعتراف بـ«روسيّة» شبه جزيرة القرم، أو بـ«استقلال» «جمهوريتَي لوغانسك ودونيتسك»، وهو ما من شأنه أن يزيد من تعقيد المفاوضات التي وصلت إلى مرحلة جيّدة يمكن أن تقود إلى اتفاق بين البلدين، وفق وسائل إعلام روسية.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، تلقّيها إشارة من أنقرة في شأن إمكانيّة تنظيم لقاء جديد بين وزيرَي خارجية روسيا وأوكرانيا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، أندري رودينكو، إن «موسكو لم ترفض سابقاً أيّ اتصالات، لكن يجب أن تكون مُعدّة مسبقاً وذات مغزى». وعن موعد هذا اللقاء، أوضح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أنه قد يحصل خلال أسبوع أو اثنين.
ميدانياً، بدأ، أمس، وقف لإطلاق النار في مدينة ماريوبول جنوب شرقي أوكرانيا، من أجل إجلاء المدنيين. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن هذا الإجراء سيسمح بفتح ممرّ إنساني إلى مدينة زابوريجيا، مع توقف في مدينة بيرديانسك الواقعة تحت السيطرة الروسية.