الحسكة | لا ينفصل الحراك العسكري والسياسي الروسي في سوريا، عن الصراع الدائر بين موسكو والقِوى الغربية، على خلفية الأزمة الأوكرانية المتصاعدة، حيث تحوّل الوجود الروسي على سواحل المتوسّط، والذي يمثّل عنصر قوّة استراتيجياً لروسيا، إلى أداة لتوجيه الرسائل إلى واشنطن وحلفائها. وممّا جلّى ذلك هبوط وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في قاعدة طرطوس، برفقة قائد أركان الجيش السوري، ليشرف على المناورات العسكرية الروسية في مياه المتوسّط، انطلاقاً من القواعد العسكرية في الساحل. وفي قبالة هذا الاستعراض الروسي، تحاول واشنطن تسليط ضغط مضادّ على موسكو، عبر تعزيز وجودها العسكري في شرقيّ سوريا، وتنفيذ مناورات قتالية هي الأولى من نوعها في المنطقة، من حيث المعدّات العسكرية التي استُخدمت فيها.واستقدمت القوات الأميركية، أخيراً، المزيد من مدرّعات «برادلي» القتالية، بالتوازي مع الاستمرار في استجلاب أسلحة ومعدّات عسكرية إضافية إلى مناطق سيطرة «قسد»، مع تظهير ذلك إعلامياً، لإبراز جدّية واشنطن في الحفاظ على وجودها في المنطقة، ومواجهة أيّ خطر يهدّد هذا الوجود. كما لوحظ نشاط بارز للصفحات الرسمية لعملية «العزم الصلب» على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الفائتة، حيث جرى تكثيف نشر صور ومقاطع فيديو حول أهمية التعزيزات العسكرية التي أدخلها «التحالف» إلى سوريا، بدعوى مساعدة «قسد» في التصدّي لتنظيم «داعش».
وأرسل الأميركيون ثلاثة أرتال عسكرية، منذ هجوم التنظيم على سجن الثانوية الصناعية الشهر الماضي، ضمّت نحو 80 آلية تحمل أسلحة وذخيرة ومعدّات عسكرية متنوّعة. وأكد الموقع الرسمي لعملية «العزم الصلب» «وصول مركبات مدرّعة جديدة كقدرات إضافية إلى شمال شرق سوريا». ونشر الموقع تصريحاً لضابط من القوات الأميركية قال فيه إن «مدرّعات برادلي أثبتت نفسها في الدعم الوثيق لقسد في إلحاق الهزيمة بداعش في الحسكة»، مضيفاً أنها «توفّر القوة النارية الضرورية التي تمنح قوّاتنا الشريكة ميزة واضحة ضدّ التهديد». وتابع أن «التحالف يحتفظ بالحقّ في الدفاع عن نفسه، وعن القوات الشريكة ضدّ أي تهديد، وسيواصل القيام بكلّ ما هو ممكن لحماية قواتنا وضمان عدم عودة داعش للظهور مجدداً».
وعلى رغم أن لا مؤشّرات - حتى الآن - إلى احتمال اندلاع أيّ اشتباكات بين الأميركيين والروس في سوريا، إلّا أنه من الممكن أن تنخفض وتيرة التنسيق بينهما، وخصوصاً في الشرق السوري. كما أنه من الواضح أن الطرفَين يستخدمان الساحة السورية كـ«صندوق بريد»، يتبادلان فيه رئاسل القوّة والردع المتبادل، في ظلّ تصاعد الكباش بينهما في شرقيّ أوروبا.