بناءً على غالبية التصريحات، بات الاتفاق النووي قاب قوسين أو أدنى. إلّا أن هذه التعليقات، غالباً ما تُرفِق التفاؤل بـ"ولكن"، تفتح الباب على مختلف الاحتمالات، في اللحظة الأخيرة. وبينما لم يَظهر، إلى الآن، ما هي القضايا الجوهرية التي جرى التوصّل إلى حلّ لها، يبدو أن العامل الرئيس في تسهيل إبرام اتفاق، متمثّل في إمكانية تقديم مختلف الأطراف التنازلات المطلوبة لهذا الهدف. وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أول من أمس، الاقتراب من إبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي، على الرغم من أن المفاوضين لا يزالون يتجادلون بشأن المطالب الإيرانية، وأبرزها إبطال العقوبات. ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، جعل استعادة الاتفاقية هدفاً رئيساً للسياسة الخارجية، حيث تَنظر إدارته إلى ذلك باعتباره «مفتاحاً لاستقرار الشرق الأوسط»، ممّا يسمح للولايات المتحدة بالتركيز على الصين وروسيا. ونقلت عن مسؤولين مشاركين في المحادثات، قولهم إنه «يمكن الانتهاء من اتفاق في فيينا في غضون اليومين المقبلين». كذلك، أكد منسّق ​الاتحاد الأوروبي بشأن ​مفاوضات فيينا​، إنريكي مورا، في تغريدة على «تويتر»، أن "المحادثات تمرّ بلحظة حاسمة". وقال: "نقترب من النهاية بعد عشرة أشهر من المفاوضات، لكن النتيجة لا تزال غير مؤكدة، والقضايا الرئيسة تحتاج إلى الإصلاح". وعلى الضفّة الإيرانية، أعلن وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، أمس، أن المباحثات مع القوى الكبرى، بلغت مرحلة "حسّاسة"، لكنه تحدّث عن قضايا "مهمّة" لم يتمّ حلّها بعد. وجاءت تصريحات أمير عبد اللهيان، على هامش استقباله في طهران نظيره العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، الذي أفاد بنقل رسالة خطّية من السلطان هيثم بن طارق إلى الرئيس إبراهيم رئيسي. وقال الوزير الإيراني: "حتى الآن، نحن متفائلون جداً بشأن المباحثات في فيينا. نأمل في أن يتمّ خلال الأيام المقبلة حلّ بعض القضايا الحساسة والمهمّة، المتبقّية في المفاوضات"، مشدداً على أن معالجة هذه المسائل هي رهن إبداء الأطراف الغربيين "واقعية" حيالها. وأكد أن مفاوضي بلاده "لن يتجاوزوا الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مباحثات فيينا"، من دون أن يحدّد ما هي هذه الخطوط. وأضاف: "بالنسبة إلينا، أهمية أيّ تفاوض مرتبطة بأن يعود بفوائد على الأمة الإيرانية".
أفادت وول ستريت جورنال بأنّ بايدن جعل استعادة الاتفاقية هدفاً رئيساً للسياسة الخارجية


وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، شدّد على أهمية احتفاظ طهران بالقدرات التي وفّرها برنامجها النووي، حتى في حال إحياء اتفاق فيينا. وكتب شمخاني عبر "تويتر": "قدرات إيران النووية السلمية لا بدّ أن تبقى دائماً كسيف ديموقليس فوق رأس الناكثين للعهود لتكون الضمان الحقيقي لتنفيذ تعهّداتهم". وأضاف: "بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي عام 2018، كان من الأفضل اتّباع هذا الضامن الذاتي الأكثر تأثيراً، طبقاً لتوجيه قائد الثورة".
وسبق ذلك تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن "محادثات فيينا حقّقت تقدّماً ملحوظاً، حيث تقلّصت المواضيع التي يتمّ النقاش حولها، ولكن ما زالت هناك قضايا رئيسة جدية ومهمّة عالقة، ويجب أن تُحل". وأشار زاده إلى "(أننا) ننتظر اتخاذ القرار من الطرف الأوروبي والأميركي بشأن القضايا العالقة في فيينا"، متابعاً أنه "يجب رفع كلّ العقوبات التي لا تتفق مع الالتزامات التي تعهّد بها الجانب الآخر، وتعيق الامتيازات الاقتصادية التي تنصّ عليها التعهّدات". وفي السياق عينه، شدّد الرئيس الإيراني، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أنه "يجب أن يتضمّن أيّ اتفاق في فيينا رفع العقوبات وتقديم ضمانات وإنهاء المسائل العالقة والادعاءات السياسية".