على وقْع استمرار التباينات بين الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء البرنامج النووي الإيراني، وصل مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أمس إلى تل أبيب، في زيارة يبدو أن هدفها الوحيد تأكيد تمسّك واشنطن بالخيار التفاوضي، مع ترْك الحرّية لتل أبيب للتلويح، منفردةً، بالخيار العسكري من دون تفعيله أو محاولة جرّ الأميركيّين إليه (أنظر: محاولة واشنطن «الأخيرة» لاسترضاء تل أبيب: التهديد لن يُخضِع طهران... فلْنرضَ باتّفاق/ الأخبار: 16 كانون الأول 2021). وكان الإعلام العبري عمد، الأسبوع الماضي، إلى تسريب موعد الزيارة وموضوعها، من دون الحديث عن توقُّعات إسرائيل في شأنها. لكن الأكيد أن الولايات المتّحدة ليست في صدد الاستجابة لطلب إسرائيل انتهاج مقاربة عسكرية، أو حتى التهديد بها، على اعتبار أن هذا الخيار يُعدّ من جانب الأولى، متعذّراً وغير مجدٍ على السواء. عوضاً عن ذلك، سيحرص سوليفان على تأكيد التزام بلاده بأمن الكيان العبري وتفوّقه العسكري، والوقوف إلى جانبه في مواجهة أيّ تهديد من جانب إيران وحلفائها. لكن اللهجة الديبلوماسية لن تمنع إثارة الخلافات في الغرف المغلقة، حيث سيشدّد الجانب الأميركي على خطوطه الحمراء في شأن أيّ مغامرة عسكرية، مع التحذير من توقُّع انجرار الولايات المتحدة إليها. وفيما لا تزال التقديرات تستبعد إقدام تل أبيب على خطوة من هذا النوع، يبدو أنها الخيار الوحيد المتاح بالنسبة إليها، إلّا أنه قد لا تستحيل لاحقاً مخالفة تل أبيب تعليمات واشنطن، عبر الاندفاع إلى فعل ما لا تريده الأخيرة ولا مصلحة لها فيه.ولسوليفان مكانة خاصة في تل أبيب؛ إذ يُعدّ واحداً من أهمّ الشخصيات المؤثّرة في إدارة الرئيس جو بايدن، وعلى خلاف غيره من المسؤولين في واشنطن، فهو يستمع جيّداً إلى ما يَصدر عن الإسرائيليّين، وإن كان في نهاية المطاف لا يوافق على مطالبهم. وتخشى إسرائيل، وفق ما يتسرّب في إعلامها، من مبادرة أميركية أثارها سوليفان نفسه، تتعلّق باتفاق جزئي مؤقّت مع إيران، يقوم على رفْع العقوبات عن الأخيرة بحدود، مقابل وقْفها تخصيب اليورانيوم وتطوير برنامجها النووي كلّياً، لفترة محدودة. ومن المتوقّع أن يلتقي المستشار الأميركي، رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت، ووزير خارجيته يائير لابيد، إضافة إلى وزير الأمن بني غانتس، وآخرين من المؤسسة الأمنية، فيما تَقرّر أن تكون الزيارة قصيرة، على خلفية تفشّي متحوّر «كورونا» الجديد، «أوميكرون»، في إسرائيل.