في الوقت الذي تُواصل فيه الأطراف الغربية إطلاق التصريحات الحادّة ضدّ إيران، تُبدي الأخيرة عزماً على التخفيف من حدّة التوتّرات، إن على مستوى محادثات فيينا نفسها، أو على مستوى العلاقة مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية». وفي محاولةٍ منها لردّ الاتهامات المُوجَّهة إليها بـ«اللاجدّية» في المحادثات، أعلنت إيران، على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، أمس، التوصّل إلى اتفاق «جيّد» مع الوكالة، من شأنه، بحسبه، إزالة بعض المخاوف بخصوص برنامج بلاده النووي. وأوضح عبد اللهيان أن مقاربة طهران للمفاوضات النووية، تتلخّص في «رفْع جميع العقوبات عنها، مقابل إزالة مخاوف الطرف الآخر»، مشدّداً على أن المفاوضات «يجب أن تنتهي بعودة الجميع إلى التزاماتهم، بموجب الاتفاق المُبرم عام 2015». من جهتها، أكدت وكالة «نور نيوز» الإخبارية، المقرّبة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن طهران سمحت لـ«الدولية للطاقة الذرّية» بتغيير كاميراتها في وحدة إنتاج مكوّنات أجهزة الطرد المركزي في منشأة كرج، «بعد استكمال فحوص الأجهزة القضائية والأمنية للكاميرات المذكورة، وبعد تحرّك الوكالة لإدانة عمل التخريب الذي استهدف مجمع تيسا».
اتّهمت الدول الأوروبية إيران بتسريع وتيرة انتهاكاتها لـ«خطّة العمل الشاملة المشتركة»


وتأتي هذه التطوّرات غداة اتّهام بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إيران، بتسريع وتيرة انتهاكاتها لـ«خطّة العمل الشاملة المشتركة»، خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أفرغ الاتفاق النووي من محتواه. وقالت الدول الأوروبية، في بيان مشترك، إن طهران قلّصت من مراقبة «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» لأنشطتها النووية، وتركت «المجتمع الدولي» أقلّ اطّلاعاً على برامجها. كذلك، اتّهمت الدول الثلاث، إيران، بالتراجع عن اتفاقات وتسويات تمّ التوصل إليها في فيينا، بعد أسابيع من المفاوضات الصعبة، ودعت طهران إلى «الاختيار بين انهيار الاتفاق النووي، والصفقة العادلة والشاملة لمصلحة الشعب والأمّة الإيرانية». من جهتها، اعتبرت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، ليندا توماس غرينفيلد، أن إيران لا تُظهر «الجدّية» المطلوبة في محادثات فيينا، مستدركةً بأن هذه المحادثات تَبْقى أفضل نهج للحدّ من البرنامج النووي الإيراني. أمّا المندوبة البريطانية، باربارا ودوورد، فقد بدت أكثر حدّة، بدعوتها مجلس الأمن إلى «استجابة قوية»، في حال استمرّت إيران في ما وصفته بـ«التصعيد النووي».
في المقابل، نفت إيران الاتهامات الغربية، معتبرة أن مطلِقيها يريدون فرْض شروط جديدة خلال مفاوضات فيينا. وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، على حسابه على «تويتر»، إن «بعض الأطراف الفاعلة لا تزال تمارس لعبة إلقاء اللوم، بدلاً من الدبلوماسية الحقيقية». وأضاف: «طرحْنا أفكارنا مبكراً، وعملنا على نحو مرن لتضييق الفجوات». وفي إشارة إلى الولايات المتحدة وانسحابها من الاتفاق النووي، عام 2018، تابع كني: «الدبلوماسية طريق ذو اتّجاهين. إذا كانت هناك إرادة حقيقية لتصحيح خطأ الجاني، فسيصبح الطريق ممهّداً لاتفاق سريع وجيّد». بدوره، شدّد المندوب الإيراني في مجلس الأمن، مجيد تخت روانجي، على أن الاتفاق النووي لن يكون ممكناً، إذا لم تُرفع العقوبات كافّة عن بلاده، ولم تلتزم بقيّة الأطراف بتعهّداتها. وأكد روانجي رفض إيران أيّ محاولة لربط الاتفاق النووي بقضايا أخرى، أو تمديد الجدول الزمني لتنفيذه، مضيفاً أن بلاده ستُواصل برنامجها للصواريخ الباليستية، وأن ذلك «لا يتعارض مع القرارات الدولية».