لطالما وُصف بـ»الجندي الأكثر وحشية في العالم». ومع ذلك، فإن المتطوّع النيبالي العادي يبلغ طوله خمسة أقدام، وثلاث بوصات فقط (حوالى 160 سنتمتراً). تبدو المظاهر خادعة حقّاً، لأنّ قلّة في العالم ترغب في مواجهتهم، في قتال. هؤلاء هم الغوركا، وهم يعيشون تحت شعار «أفضّل الموت على أن أكون جباناً».تاريخ الـ»غوركاس» يتحدّث عنهم. نشأ اسمهم من بلدة Gorkha النيبالية، حيث كانوا أعداءً لشركة الهند الشرقية البريطانية، التي توسّعت في شبه القارة الهندية، في أوائل القرن التاسع عشر. قاتل الطرفان بضراوة ضدّ بعضهما البعض خلال حرب غوركا، بين عامي 1814 - 1816، ممّا أدّى إلى اكتسابهما الاحترام المتبادل.
ووفقاً لشروط معاهدة السلام بين النيبال وبريطانيا العظمى، سُمح للـ»غوركاس» بالانضمام إلى صفوف جيش الشركة الشرقية، بصفة أساسية كمرتزقة. لأكثر من مئتي عام، تمّ تجنيد هؤلاء، حصرياً، من النيبال، وكان معظمهم قادمين من قرى التلال. في المجموع، قاتل أكثر من مئتي ألف غوركا، جنباً إلى جنب، مع الجيش البريطاني في كلّ ركن من أركان العالم. ولكن مع تقليص عديد الجيش البريطاني في السنوات الأخيرة، انخفض عددهم بين صفوفه، من ثلاثة عشر ألفاً في عام 1995، إلى ثلاثة آلاف فقط اليوم.
في عام 2019، وافقت شركة «غوركا» التابعة للجيش البريطاني على زيادة كبيرة في عدد المجنّدين الذين يمكن اختيارهم. ولكن حتى وقت قريب جداً، لم يُسمح لمن أُخرجوا من الخدمة، وكانوا على استعداد للموت من أجل الملكة والوطن»، بالعيش في المملكة المتحدة، بعد تقاعدهم من الخدمة. كان ذلك لأنّ النيبال ليست عضواً في «الكومنويلث». لذا، حتى عندما خدم هؤلاء الرجال في الجيش البريطاني، لم يكونوا من الناحية الفنية رعايا بريطانيين. حتى أنّ بعض المسؤولين في المملكة المتحدة ذهبوا إلى حدّ الادعاء بأنّ السماح لجميع الـ»غوركا» السابقين، البالغ عددهم 3600 نسمة، بدخول المملكة المتحدة، يمكن أن يخلق ضغطاً هائلاً من أجل الهجرة والخدمات الاجتماعية.
ومع ذلك، تمّ الإعلان، في عام 2009، أن قدامى المحاربين في «غوركا»، الذين تقاعدوا قبل عام 1997، وخدموا أربع سنوات على الأقل، سيُسمح لهم بالاستقرار في المملكة المتحدة. لكن ثمّة جدلٌ آخر يتعلّق بالمعاشات التقاعدية لم يتمّ حلّه، وحتى جنود الـ»غوركا» الحاليون لا يتلقّون سوى جزء بسيط ممّا يتلقّاه الجنود البريطانيون بعد التقاعد.
ومع أن الجيش البريطاني لا يزال أكبر «ربّ عمل» للـ»غوركاس» اليوم، فإن دولاً أخرى، بما فيها سنغافورة وماليزيا والهند، قد وظّفتهم جميعاً في جيوشها وقوات الشرطة الخاصة بها.