لم تخرج قمّة الرئيسَين الأميركي جو بايدن، والصيني شي جين بينغ، عن سياق إدارة العناوين الخلافية الكثيرة بين البلدَين، والتطرُّق لها واحداً واحداً، من دون أن يعني ذلك - بأيّ حال - خفْض حدّة التوتّرات المتفاقمة بينهما، وإنْ اتفقا على أن لا تؤدِّي، في نهاية المطاف، إلى انحراف علاقاتهما نحو «صراع مفتوح». وإذا كان الغرض من اللقاء، الذي عُقِدَ عن بُعد، ليل الاثنين - الثلاثاء، وتواصَل على مدى ثلاث ساعات ونصف ساعة، لجْم الاحتقان في ظلّ حالة العداء المتنامية بين واشنطن وبكين، إلّا أنه لم يخرق سقف التوقّعات المنخفض الموضوع له مسبقاً من جانب الطرفين.القمّة التي جاءت في ظلّ العدوانية الأميركية المتزايدة في عهد الإدارة الحالية، والتي تجلّت خصوصاً في اجتماع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، تحت مظلّة تحالف أمني - استراتيجي متعدّد المستويات (أوكوس)، يركّز بشكل رئيس على منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، ويسعى إلى التكامل بين هذه الدول، لاحتواء الخصم الصيني، لن تُحدِث أيّ تحوُّل - في المدى المنظور - على مستوى العلاقات الصينية - الأميركية. وفيما شدّد الزعيمان على ضرورة وضع «ضمانات» لتجنيب تحوُّل خلافاتهما الكثيرة إلى صراع، لكنّهما تشبّثا أيضاً بمواقفهما إزاء هذه الخلافات؛ فسارع بايدن إلى الإعراب عن «مخاوفه حيال ممارسات (الصين) في شينجيانغ والتيبت وهونغ كونغ وحقوق الإنسان بشكل عام»، محذّراً بكين من أيّ «محاولة أحادية لتغيير الوضع القائم في تايوان، أو تقويض السلام والاستقرار في مضيقها»، مشدِّداً، في الوقت ذاته، على أن واشنطن تبقى وفيّة لسياسة «الصين الواحدة». وتحت هذا العنوان الذي يبدو أنه أخذ حيّزاً وافراً من النقاش، حذّر شي بايدن من أن السعي إلى تحقيق استقلال تايوان هو «لعب بالنار»، قائلاً، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة، «شينخوا»، الرسمية، إن «السلطات التايوانية حاولت مرّات عدّة الاعتماد على الولايات المتحدة لتحقيق الاستقلال، والبعض في الولايات المتحدة يحاول استخدام تايوان للسيطرة على الصين. هذا الاتجاه خطير جداً، وهو بمثابة لعبٍ بالنار». وتابع: «إذا استفزّنا الانفصاليون في تايوان أو تجاوزوا الخطّ الأحمر، سيتعيّن علينا اتّخاذ إجراءات حاسمة».
وتطرّق الرئيسان إلى «أهمية منطقة المحيطَين الهندي والهادئ الحرّة والمفتوحة»، إذ أبلغ بايدن نظيره الصيني عزمَ بلاده المستمرّ على الوفاء بالتزاماتها في المنطقة، فيما جدّد الطرفان التأكيد على «أهمية حرية الملاحة والتحليق الآمن من أجل ازدهار المنطقة». وفي تصريحاته التي سبقت القمّة، اعتبر بايدن أن «التنافس بين البلدَين لا ينبغي أن يتحوّل إلى نزاع، سواء كان مقصوداً أم لا»، فيما أكد شي أن «على الصين والولايات المتحدة تحسين التواصل والتعاون في ما بينهما»، معرباً عن سروره لرؤية «صديقه القديم» للمرّة الأولى عبر الشاشة، بعدما أجريا آخر حوارَين بينهما عبر الهاتف. إلّا أن الولايات المتحدة والصين أرادتا خفْض سقف التوقّعات في شأن القمّة، فيما لا تزال العلاقات متوتّرة بينهما. وكانت واشنطن وبكين شدّدتا على وجوب عدم عقد الآمال على نتائج فورية مهمّة لهذا الاجتماع، إذ أعلن البيت الأبيض أنه من غير المرتقب أن يؤدي إلى «نتائج ملموسة»، فيما اكتفت الخارجية الصينية بالقول إن الرئيسين «سيجريان تبادلاً لوجهات النظر بشكل صريح ومعمَّق وكامل» حول علاقاتهما الثنائية في وقت تمرّ فيه العلاقات بين القوّتَين «بمنعطف حسّاس».