تمكّن الرئيس اليساري دانيال أورتيغا من تحقيق فوزٍ ساحق برئاسة نيكاراغوا، بحصوله على نحو 70% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت أوّل من أمس، والتي ستحدِّد مَن سيشغل 90 مقعداً من 92 في الكونغرس الوطني. وفي مقابل الالتفاف الشعبي الذي أظهرته هذه النتيجة حول أورتيغا، لم تتوانَ الولايات المتحدة، التي تناصب الحكم «السانديني» العداء منذ ثمانينيات القرن الماضي، عن التلويح مجدّداً بعصا العقوبات.وبعدما أعلن «المجلس الأعلى للانتخابات» فوز أورتيغا بولاية رئاسية رابعة، قالت رئيسة المجلس، بريندا روشا، في مؤتمر صحافي، أمس، إنه «بعد فرْز ما يقرب من 50% من الأصوات، تبيّن أن 74.99% من الناخبين أدلوا بأصواتهم للتحالف الذي يتزعّمه حزب الجبهة الساندينية للتحرير الوطني»، فيما بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع حوالى 65.34%، وفق الأرقام الرسمية. وعلى رغم خلوّ الانتخابات من أيّ مفاجآت على مستوى النتيجة، ارتفع الضجيج في الجهة الأميركية المقابلة. فما كان من الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلّا أن انتقد العملية الانتخابية، واصفاً إيّاها بأنها «صورية»، وملوّحاً بفرض عقوبات اقتصادية على نيكاراغوا، في حال لم تتّخذ العملية الديموقراطية مسارها في هذا البلد. وجاء في بيان البيت الأبيض: «إن ما دبّره رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا، وزوجته نائبة الرئيس روساريو موريو... لم يكن اقتراعاً حرّاً ولا نزيهاً، وبكل تأكيد لم يكن ديموقراطياً». وأضاف البيان: «وبعد انعدام طويل في شعبيّتها، واليوم من دون تفويض ديموقراطي، تحكم عائلة أورتيغا وموريو نيكاراغوا كأوتوقراطيين»، إذ لم يعد من «فرق بينها وبين عائلة سوموزا التي حاربها أورتيغا والجبهة الساندينية للتحرير الوطني قبل أربعة عقود». وإن كانت الخلاصة الأميركية كما الأوروبية متوقّعة، ولا سيما أن الجانبين حدّدا سلفاً موقفهما من الانتخابات، واعتبرا أن الوضع في نيكاراغوا هو «الأخطر» في أميركا اللاتينية، إلّا أن واشنطن وبروكسل واصلتا حملتهما ضدّ حكومة نيكاراغوا. حملةٌ شكَّلت وسائل الإعلام رأس حربتها، عبر إشارتها إلى «احتجازٍ تعسّفي» لمرشَّحين، وسجن حكومة أورتيغا للمعارضين، وحديثها عن منْع السلطات في ماناغوا الصحافيين من دخول البلاد لتغطية الانتخابات، ورفضها استقبال مراقبين مستقلّين لمراقبة العملية الانتخابية. لكن الحكومة النيكاراغوية لم تتأخّر في الردّ على المزاعم الغربية، إذ نفت هذه الشائعات، معلنةً على لسان رئيس السلطة الانتخابية، كايرو أمادور، وجود أكثر من 250 مراقباً دولياً، جميعهم مؤهلون لمراقبة سيْر الاقتراع. ووفق ما يرى البعض، فإن الحرب الإعلامية التي تقودها واشنطن، ليست إلّا «محاولة لخلق بلبلة في نيكاراغوا، وتشويه صورة الحكومة اليسارية، كما أنها ليست بريئة ويمكن أن تكون مقدّمة لمحاولة انقلابية، أو جرّ البلاد إلى حرب».
في المقابل، هنّأ الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، نظيره أورتيغا، قائلاً، في خطاب متلفز: «الإمبريالية وحلفاؤها الزاحفون في أوروبا يوجّهون أصابع الاتهام إلى نيكاراغوا. لكنْ هناك أشخاص يحبون نيكاراغوا، وهناك أناس يدافعون عن نيكاراغوا»، معلناً عزمه على زيارة الدولة الواقعة في أميركا الوسطى قريباً.