قال أمس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن واشنطن تواصل نهجها الرامي إلى ردع روسيا، على الرغم من أن الوقت قد حان للتخلي عن مثل هذه السياسة. وخلال مؤتمر في موسكو حول نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في العام الماضي، قال لافروف «إننا نلاحظ حتى الآن استمرار النهج غير البناء والخطير تجاهنا، بما في ذلك تعزيز القدرات العسكرية لحلف الناتو بالقرب من حدودنا، ونشر عناصر أوروبية وآسيوية لمنظومة الدرع الصاروخية العالمية التابعة للولايات المتحدة»، فضلاً عن الحملات الإعلامية الغربية التي تستهدف روسيا، مشيراً في هذا الخصوص إلى قضيتي العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو، والخبير القانوني سيرغي ماغنيتسكي.
نفى باتروشيف وجود مخططات روسية لاحتلال البلطيق

وذكّر لافروف بأن القضاء البريطاني، الذي قدم الأسبوع الماضي تقريراً حول أسباب وفاة العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو، في لندن عام 2006، وجّه أصابع الاتهام إلى هيئة الأمن الفيدرالية الروسية، وإلى الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، من دون أن يدعم مزاعمه بالأدلة. وشدد لافروف قائلاً: «لقد تم توجيه اتهامات خطيرة إلى قيادة الدولة الروسية، لكن لم يتم تقديم أي أدلة على الإطلاق».
وأضاف لافروف «إنني واثق من أن نقطة النهاية، في ما يخص ملابسات وفاة ماغنيتسكي (أثناء التحقيق معه عام 2009) لم يتم وضعها بعد، وأعوّل كثيراً على أن يعرف الجميع الحقيقة. لكن الاستفزاز الذي تم تدبيره والتلاعب بوفاة هذا الشخص هو أمر مثير للاشمئزاز»، وذلك في إشارة إلى «قانون ماغنيتسكي» الذي تبنّته واشنطن واستغلته لإطلاق دوامة العقوبات ضد روسيا منذ عام 2012.
وفي سياق متصل، نفى أمين مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الغربية عن وضع موسكو خططاً لاحتلال الجيش الروسي دول البلطيق، في حال نشوب الحرب المفتوحة مع حلف شمال الأطلسي. وجاء كلام باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، نُشرت أمس، قال فيها إن بلاده لا تريد المواجهة مع الغرب، وإن «السياسة الخارجية لروسيا تعتمد ليس على السعي إلى الدفاع عن مصالحها فحسب، بل وعلى أخذ مصالح الشركاء بعين الاعتبار»، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية نشوب الخلافات الأخيرة بين الغرب وروسيا، ومتّهماً أوروبا بـ«الخضوع الكامل لإرادة واشنطن».
وقال باتروشيف إن «القيادة الأميركية وضعت نصب عينيها هدف الهيمنة في العالم. وفي هذا السياق، فهم لا يريدون روسيا قوية، بل يسعون لإضعاف بلادنا بأكبر قدر ممكن، لكي تتمكن الولايات المتحدة من الوصول إلى الثروات الطبيعية لروسيا، والتي ترى واشنطن أن الروس لا يستحقونها».
وفي آخر فصل من فصول الحملة الإعلامية الغربية على روسيا، اتهم نائب وزير الخزانة الأميركي لمكافحة الإرهاب، آدم زوبن، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«الفساد»، وذلك في إطلالة له في شريط مصوّر بثته هيئة الإذاعة البريطانية، «بي بي سي».
وقال زوبن «رأينا (الرئيس الروسي) يضخم ثروات أصدقائه وحلفائه المقربين، ويهمّش من لا يعتبرهم أصدقاء له، باستخدام أموال الدولة... سواء تعلق الأمر بثروات النفط والغاز الروسية أو العقود الحكومية الاخرى، فهو يوزعها على من يعتقد أنهم سيخدمونه على حساب الآخرين. بالنسبة إلي، هذا تحديداً ما نسميه فساداً». وأشارت «بي بي سي» إلى أنها المرة الاولى التي توجه الإدارة الأميركية اتهامات صريحة لبوتين، بعدما كانت استهدفت الكثير من المقرّبين من الرئيس الروسي بالعقوبات، منذ عام 2014.
وعلّق زوبن على تقرير للسي آي إيه أشارت اليه «بي بي سي» بوصفه «سرياً»، قدّر ثروة بوتين عام 2007 بـ40 مليار دولار، قائلاً إن الرئيس الروسي يتقاضى «راتباً رسمياً يقدَّر بـ110 آلاف دولار سنوياً، ولكن هذا لا علاقة له بوضعه المالي الحقيقي، وهو لديه خبرة طويلة في إخفاء أمواله».
لافروف: تم توجيه اتهامات خطيرة إلى القيادة الروسية، من دون أيّ أدلة

ووصف الكرملن المزاعم بتورط الرئيس الروسي بالفساد الإداري بالكذب والافتراء السافر. وقال أمس الناطق الصحافي باسم الرئيس، ديميتري بيسكوف، إن الفيلم الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية يبدو من النظرة الأولى كذبة عادية مختلقة إعلامياً، لو لم يتضمن تعليقاً رسمياً من مسؤول في الخزانة الأميركية. ولم يعلق بيسكوف بشكل مفصل على مضمون الفيلم، متهكّماً على الادعاء بامتلاك بوتين يختاً فاخراً، بل قال إن «على الوزارة الأميركية أن تقدم أدلةً ما لتثبت أن تصريحات المتحدث الرسمي باسمها ليست افتراءً عديم الأساس». ورأى بيسكوف أن ضم تصريح زوبن إلى الفيلم يكشف عن الطرف الذي يقف في حقيقة الأمر وراء نشر هذه «الكذبة».
ولفت بيسكوف إلى تزامن نشر الفيلم مع تقديم بريطانيا لما تزعم أنه نتائج «تحقيق عام» في وفاة العميل الروسي السابق، ألكسندر ليتفينينكو، في لندن عام 2006، حيث وجّه القضاء البريطاني أصابع الاتهام إلى هيئة الأمن الفيدرالية الروسية، وإلى الرئيس بوتين شخصياً، من دون أن يدعم مزاعمه بالأدلة.
وحسب بيانات رسمية روسية نُشرت في نيسان الماضي، بلغ دخل بوتين السنوي في عام 2014 قرابة 7.65 ملايين روبل (كان الدولار آنذاك يساوي نحو 33 روبلاً)، وامتلك قطعة من الأرض بمساحة 150 متراً مربعاً، وشقة بمساحة 77 متراً مربعاً، ومرأب سيارة بمساحة 18 مترا مربعاً، فضلاً عن سيارتي «فولغا» وسيارة (لادا) «نيفا» ومقطورة تجرها الأخيرة.

(الأخبار، أ ف ب)