واجَه جزء أساسي من أجندة الرئيس الأميركي جو بايدن، تعثّراً في مجلس النواب، أوّل من أمس، حيث أرجأ القادة الديمقراطيون، مرّة أخرى، التصويت على حزمة البنية التحتية البالغة 1.2 تريليون دولار، وسط «الاقتتال» الحزبي الداخلي. وكانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، قد أجّلت التصويت مرّات عدّة، فيما حاول البيت الأبيض التفاوض على صفقة بشأن الأموال اللازمة لإصلاح الطرق والجسور وشبكة المياه، من بين أولويات أخرى وضعها بايدن خلال الحملة الرئاسية العام الماضي. ومن المتوقّع أن تستمرّ المفاوضات بهذا الشأن، على الرغم من أن تأجيل التصويت مجدّداً يشير إلى صعوبة في تحقيق أهداف أجندة بايدن، في ظلّ هوامش ضيّقة للغاية في كلّ من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وجاء تراجُع بيلوسي عن إجراء التصويت، بعد تعذّر حصولها على الدعم الكافي من مشرّعي حزبها. وكانت هذه الأخيرة قد وعدت بطرح الخطّة في مجلس النواب، بعد تمريرها في مجلس الشيوخ بدعم من الحزبَين، فيما سعى الجناح المعتدل إلى تحقيق نصر سهل لخطّة بايدن التي قد تكون إحدى أكبر حزم الإنفاق في التاريخ. غير أن التقدّميين أكدوا أنهم سيُفشلون الخطّة، جرّاء إحجام الوسطيين عن تقديم ضمانات بتمرير خطّة إنفاق اجتماعية أكبر تبلغ 3,5 تريليون دولار، جعلها بايدن أساساً في مشاريعه لتطوير الاقتصاد. ومن هنا، أعلنت كتلة قوية من الديمقراطيين التقدّميين، بتشجيعٍ من السناتور بيرني ساندرز، أنّها ستصوّت ضدّ اقتراح البنية التحتية المدعوم من الحزبين، في حال لم تحصل على تلك الضمانات.وعلى خلفية ذلك، انخرط الديمقراطيون في حرب كلامية بينية، تبادل فيها التقدّميون والوسطيون الاتهامات بتخريب أجندة بايدن وتعريض أغلبية الحزب للخطر. وفي هذا السياق، هاجم النائب الديمقراطي ستيف كوهين، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، المشرّعين التقدّميين، الذين وصفهم بأنهم مبتدئون لا يفهمون كيف تعمل واشنطن. «معظمهم لم يكونوا مشرّعين لفترة طويلة جداً، وكان الكثير منهم من النشطاء»، قال كوهين، مضيفاً أن «سيّارتي أَقْدم من عدد من التقدّميين». أيضاً، تصاعد الغضب في مجلس النواب ضدّ السيناتورَين، جو مانشين وكيرستن سينيما، وهما معتدلان رفضا التوقيع على الـ3.5 تريليون دولار لخطّة الإنفاق الأكبر، بينما اتّهمت النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، الوسطيين في مجلس الشيوخ، بتجاهُل المخاوف السياسية للتقدّميين، وعدم معاملتهم كأعضاء متساوين. بدورها، لم تعلّق بيلوسي على الأمر، إلّا أن البيت الأبيض تعهَّد بإعادة الأجنحة المتحاربة إلى طاولة المفاوضات. وقالت المتحدّثة باسمه، جين ساكي: «لقد أُحرز الكثير من التقدّم هذا الأسبوع، ونحن أقرب من أيّ وقت مضى للتوصّل إلى اتفاق». وأضافت: «لكنّنا لم نتوصّل إليه بعد، ولذا فإننا نحتاج إلى مزيد من الوقت لإنجاز المهمّة، ابتداءً من صباح الغد».
يركّز الكونغرس على تحدّيات ضخمة أخرى مثل رفع سقف الدين
رفع سقف الدين


على الجهة الجمهورية، أصدرت مجموعة ممّن أيّدوا خطّة البنية التحتية في مجلس الشيوخ، ومن بينهم المرشّح الرئاسي السابق ميت رومني، بياناً عبّروا فيه عن «الخيبة» إزاء الانتكاسة، لكن مع الأمل في إقرارها في نهاية الأمر. وكان الكونغرس قد أقرّ مشروع قانون الموازنة المؤقتة بدعم من الحزبين، ما أراح بايدن وحال دون شلل الإدارات الفيدرالية ليلاً، مع انتهاء السنة المالية. وبعد توقيعه على قانون الموازنة، قال الرئيس: «هناك الكثير من العمل أمامنا». وأضاف أن «إقرار مشروع القانون هذا يذكرنا بأنّ العمل الحزبي ممكن، ويمنحنا الوقت لإقرار تمويلات طويلة الأجل للحفاظ على عمل حكومتنا والوفاء تجاه الشعب الأميركي». وعلى رغم أن التأخير في تمرير خطّة البنية التحتية سيكون محبطاً لمساعدي البيت الأبيض الذين يجازفون بفقدان الزخم بعدما أمضوا الأسبوع الجاري في حشد النواب، إلّا أن التطورات الأخيرة لا تكاد تسدّد ضربة قاضية إلى جدول أعمال بايدن. كما أن خيار الإرجاء يمكن أن يفسح المجال للتنفيس، فيما يركّز الكونغرس على تحديات ضخمة أخرى، من مثل رفع سقف الدين.
وتقترب الولايات المتحدة من العجز عن سداد دينها البالغ 28 تريليون دولار، فيما بقي أمام وزارة الخزانة 19 يوماً كي تستنفد قدراتها للحصول على قروض جديدة. ولم تعرض أيّ شخصية من قيادتَي الحزبين طريقة واضحة لتجنّب الأزمة التي يمكن أن تعصف بالاقتصاد الأميركي، وتتسبّب باضطرابات في الأسواق العالمية. ويطالب الجمهوريون بأن يتحمّل الديمقراطيون، الذين يعتبرونهم مسرفين في الإنفاق، العبء السياسي لإدارة الدين بمفردهم كونهم يسيطرون على الكونغرس والبيت الأبيض. غير أن الديمقراطيين يعارضون استخدام عملية الموازنة، التي أُطلق عليها «المصالحة»، لتمرير التمديد من دون دعم جمهوري. ويقولون إنّ ذلك سيستغرق ثلاثة إلى أربعة أسابيع ما سوف يفشلها. وكان مجلس النواب قد صادق على رفع سقف الدين بموافقة الديمقراطيين، لكنّ زعيم مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل، رفضه.