تتّفق جميع الأحزاب باستثناء «البديل» على أن ألمانيا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي
في المحصّلة، أيّاً كان من يتولّى السلطة، فسيكون عليه أن يقرّر إلى أيّ مدى سيبني على سياسات ميركل، أو سيضع البلاد على مسار جديد. وإذا ظلّ حزبها المحافظ مسيطراً، فمن المحتمل أن يكون هناك تناسق أكثر ممّا لو عاد "الاشتراكيون الديمقراطيون" إلى السلطة، أو صَنَع دعاة حماية البيئة التاريخ، وتولّى أحدهم منصب المستشارية لأوّل مرة. وأيّاً يكن، يظلّ توجيه ألمانيا للخروج من جائحة فيروس "كورونا"، مع التركيز على إنعاش الاقتصاد، القضية الأكثر إلحاحاً على الصعيد المحلّي. أمّا سياسات المناخ، التي ستكون أكثر أهمية بعد الفيضانات الأخيرة، والتنمية المستدامة للقطاع الصناعي في البلاد، فهي أيضاً في أذهان الناخبين. كذلك، برزت في المناقشات قضايا ضمان المساواة الاجتماعية والأمن.
وعلى جبهة السياسة الخارجية، سيسعى كلٌّ من "المحافظين" و"الاشتراكيين الديمقراطيين" إلى إدامة تجارة ألمانيا المزدهرة مع الصين، والحفاظ على موقعها بالنسبة إلى روسيا. ويتضمّن ذلك خطّ أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي من المتوقّع أن يكتمل في وقت لاحق من هذا العام، وسينقل الغاز الطبيعي مباشرة إلى ألمانيا من روسيا، متجاوزاً أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية الأخرى، وهو ما يقف ضدّه حزب "الخضر". أمّا في ما يتعلّق بالصين، خصوصاً، فقد كان نهج ألمانيا تجاهها "يتغيّر من خلال التجارة"، لكنّ النفوذ الصيني المتزايد في الخارج، جعل هذه الاستراتيجية موضع تساؤل، وهو ما يتزامن مع ضغوط مارستها واشنطن على الحلفاء المتردّدين لاتخاذ موقف أكثر تشدّداً تجاه بكين. لكنّ برلين ظلّت، في عهد ميركل، متردّدة في الاستجابة لواشنطن، وهو ما لا يُتوقّع أن يتغيّر في ظلّ حكومة يقودها حزبها، أو "الاشتراكيون الديمقراطيون". على المستوى الأوروبي، تتّفق جميع الأحزاب السياسية - باستثناء "البديل" اليميني المتطرّف - على أن ألمانيا تنتمي بقوّة إلى الاتحاد الأوروبي. ويدفع "حزب الخضر" في اتّجاه إحياء "المشروع الأوروبي"، مع اتّخاذ إجراءات أكثر صرامة ضدّ المجر والأعضاء الآخرين، الذين يفشلون في "دعم المبادئ الديمقراطية".
يبقى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة، لم يتمكّن، حتّى الآن، من الاستفادة من المخاوف المحيطة بهذا الملف، عبر استثمار الاضطرابات الأخيرة في أفغانستان، إذ إن هذا الحزب الذي كان قد فاز، لأوّل مرة، بمقاعد في البرلمان الألماني، قبل أربع سنوات، مستفيداً من أزمة الهجرة، حصل على 11 في المئة من الأصوات في استطلاعات الرأي. ويذهب المحلّلون إلى حدّ القول إنه بات أضعف، بسبب الانقسامات الداخلية العميقة، وعدم وجود قضية مثيرة يمكنه أن يبني عليها.