يعكس اقتراح بينت إدراكه لمحدودية قدرة إسرائيل على مواجهة قدرات أعدائها
لكن، ما يفاقم المشكلة بالنسبة إلى إسرائيل، أنّ رهاناتها السّابقة على المخطّطات الأميركية التي هدفت إلى القضاء على مصادر التّهديد تلك، باءت بالفشل، فضلاً عن فشلها هي أيضاً في «المعركة بين الحروب»، وهو ما يدفعها اليوم إلى اقتراح تشكيل «تحالف دفاعي» وصفته قناة «كان/ 11» بأنه «تحالف عسكري على غرار حلف شمال الأطلسي»، يحاول الاستفادة من المواقع الجغرافية المتقدّمة للدول العربية المعنيّة، في مواجهة محور المقاومة. وفي تنظيره لذلك، اعتبر بينت أن «التهديد الإيراني يثير تخوّف دول المنطقة، بما فيها بعض الدول الخليجية والأردن»، في حين أن خيارات الأنظمة العربية المذكورة هي التي وضعتها في خندقٍ واحد مع العدو. كذلك، يعكس اقتراح بينت إدراكه لمحدودية قدرة إسرائيل على مواجهة قدرات أعدائها. وعلى هذه الخلفية، تضمّن طرحه «نصب رادارات وأجهزة إنذار من تهديدات جوّية من قِبَل إيران على غرار هجمات محتملة بطائرات مُسيّرة مفخّخة». ويأتي هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه الأصوات في واشنطن وتل أبيب بالتحذير من مخاطر المسيّرات الهجومية الإيرانية، وفي ظلّ إقرار كبار القادة العسكريين بعدم وجود حلولٍ جذريّةٍ لمواجهة هكذا تهديدات. ولذا، اتفق الطرفان على تشكيل طواقم عمل مشتركة لبحث سبل تحييد الخطر الإيراني. لكن مشكلة إسرائيل الرئيسة التي لم تتمكّن من محاصرتها، فضلاً عن حلّها، أن تلك القدرات لا تقتصر على إيران فقط، بل إنّ الأخيرة تُزوّد بها حلفاءها، ومن هنا ينبع الإلحاح الإسرائيلي على الاستعانة بالأميركي و(بعض) العربي على حدٍّ سواء. إذ إن تل أبيب تدرك تماماً أنّه مهما تطوّرت قدراتها الاعتراضية، فإنها غير قادرةٍ على مواجهة سيناريو يتمّ فيه إمطار الجبهة الداخلية بأنواع الصواريخ كافّة، ومن كلّ الجبهات.
أمّا الدّلالة الأبرز التي لا يمكن القفز عنها، والمتعلّقة بالتوقيت السّياسي، فهي أنّ هذه الاقتراحات الإسرائيلية تقترن بفشل الرهان على مفاوضات فيينا في إخضاع إيران للمطالب الأميركية المتّصلة بالنفوذ الإقليمي والقدرات الصاروخية. ومع أنه ليس واضحاً حتى الآن متى يمكن استئناف هذه المفاوضات، وكيف ستنتهي، إلّا أنّ الأداء الإسرائيلي يكشف أيضاً عن إدراك تل أبيب حقيقة أنّ طهران ليست في وارد التراجع أو إبداء المرونة في كلّ ما يتعلق بدعم حلفائها وقوى المقاومة في المنطقة. ونتيجة ذلك، فإن المخاطر التي تواجهها إسرائيل ستظلّ في مسار تصاعدي متسارع.