أثارت عودة "طالبان" السريعة إلى السلطة في أفغانستان، المزيد من الانتقادات لانسحاب الولايات المتحدة، بما في ذلك أن هذه الأخيرة تتنازل عن أرضية ذات قيمة استراتيجية لمصلحة الصين. جاء هذا التحذير من مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، ومراقبين آخرين، لكنّ خبراء قدّروا لـ"إنسايدر" أن خروج الولايات المتحدة من المحتمل أن يعرّض الصين لمخاوف جديدة بشأن جارتها، ويكلّف واشنطن القليل من حيث التموضع الاستراتيجي. في مقابلة في منتصف حزيران، قال الجنرال فرانك ماكنزي، الذي يشرف على العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، إنه يَشتبه في أن الصين ستسعى لتحقيق مصالح اقتصادية في أفغانستان، بعد رحيل الولايات المتحدة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، اعتبر النائب مايك والتز، وهو جمهوري، أن قاعدة "باغرام" الجوية في أفغانستان يمكن أن تكون مفيدة للعمليات ضدّ الصين، وعلى وجه التحديد ضدّ منشآت الصواريخ البالستية العابرة للقارّات في غربيها (...). وقد جادل خبراء من خارج الحكومة بأن الانسحاب يقلّل من قدرة الولايات المتحدة على ردع الصين، وسيخلق مشاكل من شأنها تقويض فوائد الانسحاب (...).المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام المرتبطة بالدولة أعربوا عن شماتتهم بفوضى الانسحاب، مستخدمين ذلك للترويج لرواية تراجع الولايات المتحدة، وتقديم الصين كقوة عالمية، وتهديد تايوان (...). ولكن على الرغم من خطابها، فإن بكين لديها الكثير لتقلق بشأنه. إن مصالح الصين في أفغانستان "تهَيمن عليها الاعتبارات الأمنية" على المديَين القريب والمتوسط، وفق ما قاله أستاذ العلاقات الدولية في "جامعة جونز هوبكنز"، دانيال ماركي، لموقع "إنسايدر"، في تموز. "إن مصدر قلق بكين الرئيس هو طالبان، أو الأصوليون الآخرون، بمن في ذلك الإيغور، ما يتسبّب في مشاكل، إمّا بشكل غير مباشر من خلال التهديدات للمصالح الصينية في البلدان المجاورة، وخصوصاً باكستان، أو بشكل مباشر من خلال النشاط في الصين، ولا سيما في مقاطعة شينجيانغ"، أضاف ماركي، الخبير في شؤون جنوب آسيا. ويُقال إن المسؤولين الصينيين قلقون من أن الانتصار السريع لـ"طالبان" سيشجّع تلك الجماعات، كما يشكّكون في أن "طالبان" ستقمعهم.
كذلك، جدّد الانسحاب الأميركي النقاش بشأن التدخّل الاقتصادي الصيني في أفغانستان، ولكن مع تزايد عدم الاستقرار وعدم اليقين بشأن حكّام أفغانستان الجدد، ليس من الواضح ما إذا كانت الصين ستستفيد. وقال ماركي إن الولايات المتحدة شجّعت الاستثمار الصيني في أفغانستان، في بعض الأحيان، لكنّ "النتائج كانت متواضعة في أحسن الأحوال" (...). من المرجّح أن تعتمد بكين، بشكل كبير، على باكستان للحفاظ على الاستقرار في أفغانستان، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت الفصائل المتنافسة في إسلام أباد يمكن أن تتّحد في هذا الهدف (...). خفّفت الصين من احتضانها لـ"طالبان" في الأيام الأخيرة، بعدما أثارت لغتها الترحيبيّة ردّ فعل عنيف في الداخل.
"إن الأولوية القصوى للمجتمع الدولي، هي مساعدة وتشجيع مختلف الفصائل والجماعات العرقية في أفغانستان على إيجاد إطار سياسي مفتوح وشامل يقبله الشعب الأفغاني"، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، يوم الجمعة.
"من غير الواضح ما إذا كان بإمكان الصين المساعدة في استقرار أفغانستان، لكن ينبغي أن لا تعترض الولايات المتحدة إذا حاولت"، قال أستاذ العلاقات الدولية في "جامعة جورج تاون"، شون روبرتس. "أعتقد بأن على الولايات المتحدة أن ترحّب بمشاركة الصين في أفغانستان بدلاً من اعتبارها تهديداً"، أضاف روبرتس. "هذا الأمر يمثّل اختباراً حقيقياً لما إذا كانت بكين يمكن أن تكون جهة فاعلة مسؤولة على المسرح العالمي".
كريستوفر وودي / موقع 19fortyfive)