بداية، كيف تفسّر ما حدث أخيراً؟أولاً، أمريكا حدث لها استنزاف خلال العشرين سنة الماضية نتيجة القتال مع طالبان، لأن طالبان حركة وطنية و معها رصيد شعبي، وأمريكا تدرك ذلك، بخلاف الذين في السلطة، ليس لهم قبول شعبي بسبب فسادهم، مع الأخذ في الاعتبار أن الشعب الأفغاني شعب متديّن. ثانياً، قرّرت أمريكا أن تخرج من أفغانستان بأقلّ الخسائر، واتفقت مع طالبان في الدوحة.

لكن الاتفاق كان مُعلَناً، ولا يوجد فيه ما يشير إلى ما حدث أخيراً؟
جميع الاتفاقيات في الحروب والخروج من القتال، يوجد فيها شروط معلنة وأخرى سرّية، حفاظاً على كرامة الجانبين. يوجد شرط واضح وهو مقاتلة داعش وطرد القاعدة، وهذا تمّ بالفعل. أيضاً، طالبان تريد خروج القوات الأجنبية، لأن هذا أساس وجودها، وهو ما تمّ بالفعل.

ذكرت «داعش»، لكن ماذا عن القاعدة؟
القاعدة شبه منتهية في أفغانستان، وأغلب أفرادها مختفون في مثلّث الحدود بين باكستان وإيران وأفغانستان، وهو المثلّث الذهبي لزراعة المخدرات. وقيادة القاعدة موافقة أصلاً على الخروج من أفغانستان. أمّا زعيمها الظواهري فشبه معزول، جماعته أصبحت على مقربة من الحدود مع أفغانستان، مطارَدة ولا حول لها ولا قوة. أغلب عناصرها من الجنسية المصرية، ومعهم أحد أبناء أسامة بن لادن. وعلى ذكر المصريين، أعتقد أن عودتهم إلى مصر مستحيلة، ولا تنسَ أن إسرائيل اغتالت قبل عام أحد أفراد القاعدة الذي كان أمير المعسكرات واسمه أبو محمد الزيات.

ما طبيعة الحرب بين «داعش» و«طالبان»؟
قائمة على الصراع الفكري والعسكري. طالبان تَعتبر داعش فكراً خارجياً تكفيرياً استخباراتياً يجب محاربته، في حين داعش تعتبر طالبان حركة ظلال وصوفية قبورية وليست طالبان الملا عمر.

ما حجم تواجد «داعش» في أفغانستان؟
عدد أفراد داعش قليل في أفغانستان، وتواجدهم في شرق البلد، تحديداً في جلال آباد وما حولها، لكن أفغانستان حاضنة لمثل هذه التنظيمات، ما يعني أن الصراع مع طالبان سوف يمتدّ ويستمرّ، وربّما يقوى داعش أكثر إذا دخلت طالبان في حكومة مشتركة مع نظام كابول. هذا بالفعل يقوّي جهة داعش كثيراً.

كيف هي علاقة «طالبان» بالقوى الأفغانية الأخرى؟
اتّضح مؤخراً أن طالبان أظهرت مرونة مقارنة بما سبق، وذلك من خلال العفو عن جنرالات حرب كانوا من أعدائها، مثل إسماعيل خان، ولي هرات ( شيعي)، وكذلك العفو عن محافظين في حكومة كابول، وعدم الصدام مع معتقدات من الشعب الأفغاني، ولهذا تمّ تحذير السلفين من قِبَل الحركة. مجرّد تحذير. وعموماً، ما زال الوقت مبكراً للحديث عن أشياء كثيرة، من قبيل هل سوف تدخل الحركة في حكومة شراكة مع نظام كابول؟ وما مصير جيش كابول المدرّب أمريكياً؟ هل سوف يُدمج في الحركة أم ماذا؟ هذا لم يتضح بعد.

لكن هل طالبان قادرة على حكم أفغانستان منفردة؟
نعم قادرة، بشرط عدم محاربة الغرب لها، بشكل مباشر أو عبر وكلاء. فهناك أمثال العجوز جنرال الحرب عبد رشيد دستم، وهو شيوعي ملحد أوزبكي، مدعوم من تركيا، وله جرائم حرب، أعتقد أنه لن يسكت. كذلك عرقية الطاجيك، أصحاب أحمد شاه مسعود، وهو علماني، لن يسكتوا. وأعتقد أن هذه سوف تظلّ نواة ميليشيات حرب تُستخدم من الخارج عند الطلب. أمّا المجتمع الدولي، أعتقد أن طالبان قدّمت ضمانات بأنها لن تعتدي على أحد، ولن تكون أرض أفغانستان منطلقاً لأيّ أعمال عدائية ضدّ الغرب.