طهران | فيما يُنتظر انطلاق الجولة السابعة من محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي في فيينا خلال أيام، لا يزال الغموض يكتنف التفاهم الفنّي بين إيران و"الوكالة الدولية للطاقة الذرّية"، توازياً مع بقاء "الخلافات الرئيسة" بين طهران وواشنطن على حالها، ليلقي كلّ ذلك بظلاله على هذه الجولة. وكانت إيران و"الوكالة الدولية" توصّلتا، قبل أربعة أشهر، بالتزامن مع انتهاء مدّة البروتوكول الإضافي الملحَق بـ"خطّة العمل المشتركة الشاملة"، إلى اتفاق ينصّ على قبول الأولى بالإبقاء على كاميرات المراقبة في منشآتها النووية لمدّة ثلاثة أشهر، من دون وضع تسجيلاتها في تصرّف المفتّشين إلّا إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات. وعليه، فقد حذّرت إيران من أنه في حال لم تُرفع العقوبات، فإنها ستتلف بيانات كاميرات المراقبة "إلى الأبد". ومع انقضاء مهلة الثلاثة أشهر التي نصّ عليها الاتفاق، وبقاء العقوبات على حالها، فقد أعلنت طهران أنها ستؤخّر إزالة البيانات المخزّنة في هذه الكاميرات لمدّة شهر آخر، إلى أن تصل محادثات فيينا إلى النتيجة المرجوّة. وفي هذا الإطار، أفاد المتحدّث باسم الحكومة، علي ربيعي، بأن بلاده تدرس إمكانية تمديد الاتفاق التقني مع "الوكالة الدولية"، مستدركاً بـ"(أننا) لا نريد تحوّل مباحثات فيينا إلى مفاوضات استنزافية نتيجة تمديد الاتفاق". في المقابل، ذكرت "الوكالة الدولية" أنها لم تُحَط علماً بقرار إيران المُضيّ في تنفيذ الاتفاق من عدمه، مُعربة على لسان مديرها العام رافايل غروسي، عن قلقها من احتمال إتلاف تسجيلات الكاميرات، فيما عبّرت كلّ من واشنطن وباريس عن قلق مماثل. والجدير ذكره، هنا، أن الاتفاق تمّ تمديده حينما كان الطرفان يتحدّثان عن تحقيق "تقدّم ملحوظ في محادثات فيينا"، بيد أن المعطيات عادت لتشي خلال الأيام الماضية باتّساع هوّة "الخلافات" بين الطرفين. والظاهر أن إيران تتعمّد، عشية الجولة السابعة، استخدام الغموض الذي يكتنف تفاهمها مع "الوكالة الدولية"، كأداة مساومة باتجاه رفع القسم الأكبر من العقوبات الأميركية.
من غير الواضح ما إذا كانت الجولة السابعة من محادثات فيينا ستُعطي ثمارها أم لا

وتُعدّ مسألة رفع العقوبات من بين أبرز عناوين الخلاف في فيينا. وبينما أعلن مدير مكتب رئيس الجمهورية في إيران، محمود واعظي، الأسبوع المنصرم، أن نحو 1040 عقوبة فُرضت في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ستُرفع، شأنها شأن العقوبات المفروضة على الأشخاص والأجهزة التابعين للمرشد الأعلى، رفض متحدّث باسم الخارجية الأميركية التصديق على التوصّل إلى اتفاق من هذا النوع، قائلاً إنه "لن يكون هناك اتفاق طالما لم تتمّ تسوية جميع القضايا". كذلك، فإن من بين أبرز القضايا الخلافية كيفية عودة إيران إلى الاتفاق النووي، ولا سيما مصير اليورانيوم المخصّب وأجهزة الطرد المركزي المتطوّرة. إذ يرى الطرف الآخر أنه إن امتنعت إيران عن تدمير تلك الأجهزة، فإن زمن "تهرّبها النووي" سيَقصر. ولم يتمّ، حتى الآن، تحديد موعد لإجراء الجولة السابعة، لكنّ البعض يتكهّن بأن تقام بعد نحو أسبوع أو عشرة أيام من الآن. وأيّاً يكن، فمن غير الواضح ما إذا كانت هذه الجولة ستعطي ثمارها أم لا، في ظلّ استمرار الخلافات الأساسية. وفي هذا الإطار، قال عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين، الأحد، إن الوفود أجرت من المفاوضات ما فيه الكفاية، وقد حان الوقت لـ"اتخاذ القرارات الصعبة"، عانياً بذلك على الأرجح الجانب الأميركي. لكنّ الأخير أشار، عبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى أن "لدينا خلافات جادّة مع إيران بشأن العودة إلى الالتزامات النووية. وسنرى ما إذا كان بالإمكان تسوية الخلافات أم لا". إزاء ذلك، اعتبرت صحيفة "اعتماد" الإيرانية أن "أعضاء الوفود التفاوضية لا يملكون مفردات جديدة لوصف الوضع المتكرّر، ويكتفون بتحميل الطرف المقابل مسؤولية اتخاذ القرارات الصعبة". وفي طهران تحديداً، يبدو أن عملية اتخاذ القرار باتت أكثر تعقيداً، وهو ما يعزوه البعض إلى بدء العدّ العكسي لنقل السلطة من حسن روحاني إلى إبراهيم رئيسي.