وفيجاي براشادبدأ بيدرو كاستيلو من حزب «بيرو ليبر» (بيرو الحرّة) بتلقّي التهاني من جميع أنحاء العالم، بعدما جاءت النتائج النهائية لانتخابات السادس من حزيران الجاري، لتصبّ في مصلحته، بحصوله، وفق اللجنة الانتخابية البيروفية، على نسبة 50.127% من الأصوات (8.84 ملايين صوت)، فيما حصلت منافِسته، كيكو فوجيموري، على 49.873% (8.79 ملايين صوت). ومع ذلك، رفضت مرشّحة اليمين، التنازل، حتى أنها وظّفت أفضل العقول القانونية في بيرو في مسعاها إلى قلب نتيجة الانتخابات. وفي غضون ساعات من صدور النتائج، قدَّم فريق فوجيموري 134 طعناً انتخابياً. ففي العاصمة ليما وحدها، مثلاً، كان لدى الفريق أكثر من 30 محامياً. وكان فريق فوجيموري جمع هؤلاء المحامين قبل التصويت في الانتخابات، بعدما توقَّع إمكانية فوز كاستيلو، وما سينتج من ذلك من ضرورة تقييده في المحاكم. وعليه، وضع الجيش القانوني من ذوي الياقات البيضاء، استراتيجية عنصرية لحربه القانونية، إذ تمحورت لعبة هؤلاء بأكملها حول إبطال الأصوات التي هي في صميم قاعدة دعم كاستيلو، أي مجتمعات السكّان الأصليين في بيرو.على أن الولايات المتحدة كانت قد عيَّنت سفيرة جديدة لدى بيرو، اسمها ليزا كينا، وهي مستشارة سابقة لوزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، كما أنها عملت لمدّة تسع سنوات في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، وشغلت منصب مديرة شؤون العراق في مجلس الأمن القومي. وقبل الانتخابات في بيرو، مباشرةً، نشرت كينا مقطعاً مصوّراً تحدَّثت فيه عن العلاقات الوثيقة بين واشنطن وليما، وعن الحاجة إلى انتقال سلمي في بيرو بعد الاستحقاق الانتخابي، قائلةً إن «الفترة الانتقالية الرئاسية تُعتبر مثالاً للمنطقة بأسرها»، وكأنها كانت تتوقَّع تحدّياً جدّياً في أعقاب الاقتراع. وإذا كانت أيّ جهة على الإطلاق تعرف عن التدخل في العملية الانتخابية في أميركا اللاتينية، فهي الولايات المتحدة.
ويبدو لافتاً أن من الأسماء الأساسية داخل فريق كيكو فوجيموري، فرناندو روسبيجليوسي، وزير الداخلية السابق في عهد الرئيس أليخاندرو توليدو (لسنوات، انتقد روسبيجليوسي بشدّة الجرائم التي ارتكبها والد فوجيموري، الرئيس ألبرتو فوجيموري، الذي يقضي الآن عقوبته السجنية)، الذي ضمَّن سيرته الذاتية العمل مع السفارة الأميركية. في عام 2005، قرَّر الضابط العسكري السابق ذو الميول اليسارية، أولانتا هومالا، أن يدخل السباق الرئاسي في نيسان من العام التالي. كانت كلّ المؤشرات تدلّ على أن هومالا، الذي حاول الانقلاب على والد كيكو فوجيموري، ألبرتو، في عام 2000، يحظى بدعم جماهيري واضح. حتى إن البعض اعتقد أن هومالا سيتبع كلاً من فنزويلا هوغو شافيز، وبوليفيا إيفو موراليس، في توجيه بيرو نحو اليسار. في تلك الفترة، توجّه روسبيجليوسي إلى سفارة الولايات المتحدة في ليما، ليطلب منها الدعم من أجل إطاحة هومالا. وفي 18 تشرين الثاني 2005، وصل روسبيجليوسي والمدير السابق للدفاع الوطني، روبين فارغاس، لتناول الغداء في السفارة، حيث عبّرا عن «قلقهما إزاء احتمالات أن يقوم القومي المتطرّف، أولانتا هومالا، بتأسيس نفسه كقوّة سياسية لا يستهان بها». وكان كلّ من روسبيجليوسي وفارغاس يعملان في منظّمة غير حكومية تسمّى Capital Humano y Social» (CHS)»، والتي كانت متعاقدة مع قسم إنفاذ القانون وشؤون المخدّرات التابع للحكومة الأميركية (NAS). وهما أرادا أن تستخدم السفارة الأميركية مواردها الكبيرة لتقويض هومالا.
من جهتها، أبدت الولايات المتحدة قلقها إزاء فوز هومالا، وتصريحاته ضدّ الوجود العسكري الأميركي في بيرو، فضلاً عن علاقته بهوغو شافيز. لذا، فإن ما قاله روسبيجليوسي وفارغاس للسفارة الأميركية سرَّها، وأدّى إلى خسارة هومالا انتخابات عام 2006، قبل أن يعاود الفوز في عام 2011 متغلّباً على كيكو فوجيموري. ولكن حينها، كان هومالا قد أثبت نفسه كمرشّح لليبراليين الجُدد، لتعتبره الولايات المتحدة شخصاً غير ضارّ بل مفيداً. وفي 19 أيار 2011، وقّع هومالا على نص جعله ينضمّ إلى الأجندة النيوليبرالية («Compromiso en Defensa de la Democracia»).
في هذا الوقت، يواصل بيدرو كاستيلو السيطرة على الشارع، حيث ستتجمّع الحشود. هم يرفضون أن تُسرق انتخاباتهم، ولكن لا يزال الخوف يسيطر في بيرو، حيث تتربّص القوى المظلمة. فهل سيتمكّن الشعب من هزيمة هؤلاء؟

(بتصرّف، يُنشَر بالتعاون مع شبكة «غلوبتروتر»)