لم تُعرف بعد دوافع الشاب الذي صفع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على وجهه، خلال رحلة للأخير إلى بلدة تين هيرميتاج. يوم الإثنين الماضي، بثّ برنامج «Quotidien» الفرنسي مقطع فيديو ظهر فيه داميان ت.، المتّهم بالفعلة هذه، وآرثر سي.، البالغان من العمر 28 عاماً، إلى جانب شخصٍ أُجريت معه مقابلة، قبل ساعات من وصول ماكرون. أمام الكاميرا، أشار الشخص المذكور إلى أن لديه «أشياء ليقولها» لرئيس الدولة، عن «تراجع فرنسا». أمّا مُرتكب الصفعة وصديقه، فقد رفضا الكلام. ولكن بعد أربع ساعات، ترافقت صفعة داميان ت.، مع شعار «!montjoie! Saint Denis! À bas la macronie». يشير تفكيك رموز شعار «!Montjoie! Saint Denis» إلى صرخة الحرب الخاصة بالقوّات الملكية الفرنسية تحت حكم سلالة الكابيتيين، في حين تمثّل «montjoie» مكان انتصار الملك كلوفيس، ويجسّد «Saint Denis» القدّيس الراعي، حامي ملوك فرنسا. أمّا شعار «يسقط ماكرون» (!À bas la macronie) فيعبّر عن إرادة إسقاط النظام الذي يرأسه ماكرون الآن. من هنا، يمكن القول إن داميان ت. الشهير قد يكون ملَكياً، إلّا أن هناك عناصر أخرى تنبئ، أيضاً، بأنه ينتمي إلى تيار اليمين المتطرّف.
المحقّقون بحثوا في ملفّ تعريف عن الشابَّين اللذين لم يكونا معروفَين للشرطة. وكشف التحقيق عن نسخة من كتاب «كفاحي» في منزل آرثر سي. كذلك، أظهر البحث على مواقع التواصل الاجتماعي أن داميان ت. يشترك في صفحات المؤثّرين ضمن تيار اليمين المتطرّف، بمن فيهم المصوّر الشهير، باباسيتو، الذي أعلن اليساري جان لوك ميلانشون أنه يريد تقديم شكوى ضدّه «لتحريضه على ارتكاب جريمة قتل». ففي مقطع فيديو مثير للجدل نُشر على الإنترنت قبل بضعة أيام، بعنوان «هل اليسارية صامدة أمام الرصاص؟»، يشرح المصوّر كيفية مهاجمة ناشط من حزب ميلانشون، «فرنسا الأبية». كذلك، يشترك داميان ت. في قناة جوليان روشيدي، الرئيس السابق لـ»جبهة الشباب الوطنية»، وأيضاً في أنشطة مجموعة تابعة لشبكة «الشجعان»، التي يتزعّمها دانيال كونفيرسانو، الذي يؤمن بتفوّق العرق الأبيض.
دعا ماكرون إلى التعامل مع الحادثة من منظور نسبي، معتبراً إياها «عملاً منعزلاً»


من جهته، دعا ماكرون، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «le Dauphiné libéré» المحلية في سافوي، يوم الثلاثاء، إلى التعامل مع هذه الحادثة من منظور نسبي، معتبراً إيّاها «عملاً منعزلاً». ولكنّ مقالاً نُشر، أمس، على موقع «ميديابار»، يُظهر الروابط المحتملة بين داميان ت. وبين نشطاء من مجموعة صغيرة من اليمين المتطرّف، كانوا قد أدينوا في نيسان الماضي . وبحسب «ميديابارت»، فإن «العناصر الأولية للشخصية التي قامت بصفع رئيس الجمهورية على وجهه، ولشريكها المزعوم، تتوافق، في جميع النقاط، مع ملامح نشطاء اليمين المتطرّف التي حدّدها تقرير صادر عن المدّعي العام في محكمة استئناف باريس، في آذار». وكان ستة نشطاء حوكموا، بالفعل، في نيسان، أمام محكمة الجنايات، وثلاثة أمام محكمة الأطفال (لأنهم كانوا قاصرين عندما حدثت الوقائع) بتهمة إنشاء «مجموعة إرهابية». ويرأس هؤلاء لوغان ن.، الذي كان يبلغ من العمر 21 عاماً عند إلقاء القبض عليه في حزيران 2017، وهو ناشط سابق في المنظمة الملَكية اليمينية المتطرّفة، المعروفة باسم «العمل الفرنسي» (Action française). هذا الأخير أسّس مجموعة صغيرة، هي «OAS»، في إشارة إلى تنظيم الجيش السرّي، الذي ظهر في الهجمات الإرهابية في الستينيات، في الجزائر. وعلى الرغم من أنه تمّ تفكيك هذه المنظّمة في تشرين الأول 2017، إلّا أن «ميديابارت» يرى أوجه تشابه مذهلة بين ملامح النشطاء فيها، وبين المسؤول عن صفع ماكرون. وكان يُشتبه في أن الزعيم الشهير للمجموعة، لوغان ن.، المحتجز حالياً، أراد مهاجمة كريستوف كاستانير، رئيس مجموعة «الجمهورية إلى الأمام» في الجمعية الوطنية، ووزير الداخلية السابق، وكذلك زعيم «فرنسا الأبية»، جان لوك ميلينشون. يبقى أن من المتوقّع أن يكشف التحقيق، في الأيام المقبلة، الدوافع الحقيقية للفاعل، ويلقي الضوء على العلاقات المحتملة مع هؤلاء النشطاء.