في موازاة الضغوط الدولية التي تتعرّض لها على خلفية مقاربتها لملفّ هونغ كونغ، تبدو الصين عازمة على لجم أيّ خطوات يمكن أن تؤدّي إلى تغيير وضع الإقليم القائم على مبدأ «دولة واحدة ونظامان». وبعد إقرارها «قانون الأمن القومي»، العام الماضي، خطت بكين خطوةً إضافية على طريق تقليص صلاحيات هونغ كونغ بموجب الحكم الذاتي، معلنةً عن مشروع قانون يناقشه البرلمان الصيني، ويهدف إلى «إصلاح النظام الانتخابي في الإقليم». وفي حين ظلّت تفاصيل النص طيّ الكتمان، إلّا أن الدول الغربية هاجمت الحكومة الصينية، محذرةً إيّاها من عواقب فرض هذا القانون الذي «يسمح لها باستبعاد مرشّحي المعارضة الديموقراطيين من الانتخابات».وبعدما كان برلمان هونغ كونغ يتألّف من 70 نائباً، يُنتخب نصفهم وتُعيِّن بكين النصف الآخر، يقضي مشروع القانون المطروح بزيادة عدد النوّاب الذين تعيّنهم «اللجنة الانتخابية»، والتي ستُكلَّف أيضاً باختيار المرشَّحين الذين يُسمح لهم بالترشُّح أصلاً. وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، وانغ تشن، أن اللجنة الانتخابية في هونغ كونغ ستكلَّف بموجب القانون «انتخاب عدد كبير من أعضاء المجلس التشريعي والمشاركة مباشرة في ترشيح جميع أعضاء المجلس»، وسط تأكيدات وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن المشروع المقترح «قانوني ومنصف ومنطقي». وقال وانغ، الأحد الماضي، إن التغيير المُقترح ضروري «للمحافظة على دوام السلم والاستقرار في هونغ كونغ»، وذلك بعد التظاهرات العنيفة المطالبة بالانفصال عن الصين عام 2019. وفيما يترقّب سكان هونغ كونغ تفاصيل المشروع الذي أُطلق عليه «وحدهم الوطنيون يمكنهم أن يحكموا هونغ كونغ»، سُئل مفوّض وزارة الخارجية الصينية في هونغ كونغ، سونغ رو، عمّا يعنيه مبدأ «الوطنية»، فأجاب أن «الولاء للحزب الشيوعي الصيني سيكون معياراً أساسياً لتحديد ما إذا في الإمكان اعتبار أحد سكّان هونغ كونغ وطنياً». وأضاف إنه «حين نتحدّث عن الوطنية، فإننا لا نتحدّث عن حب الصين الثقافية أو التاريخية، بل نتحدّث عن حب جمهورية الصين الشعبية الحالية بقيادة الحزب الشيوعي».
يقضي مشروع القانون المطروح بزيادة عدد النوّاب الذين تعيّنهم بكين


ويأتي هذا الإجراء بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في هونغ كونغ المقرّرة في أيلول/ سبتمبر المقبل، وبعد إعلان بكين أخيراً نيّتها ضمان أن يتمكّن «الوطنيون» فقط من قيادة المنطقة التي يبلغ عدد سكّانها سبعة ملايين نسمة. وهي خطوة رأت المعارضة أنها «تفسّر تخوّف الحكومة الصينية من تكرار سيناريو عام 2019»، حين حقّقت المعارضة فوزاً كبيراً بانتخابات أعضاء المجالس المحلية، مضيفة إن مشروع القانون «يقضي على آخر أمل بتحقيق الديموقراطية في هونغ كونغ». هذا الأمر نفته زعيمة هونغ كونغ، كاري لام، مشدّدة على أن «التحسينات للنظام الانتخابي ليست مصمَّمة لمصلحة شخص ما، إنها مصمَّمة للتأكُّد من أن كلّ من يدير هونغ كونغ هو وطني». وأشادت بخطة الصين، معتبرةً أن «القرار الضروري جاء في الوقت المناسب وهو مشروع ودستوري».
وكما كان متوقعاً، أثار مشروع القانون تنديداً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين أكّدا أن الصين «تنتهك ضمانات الحكم الذاتي الممنوحة لهونغ كونغ عام 1997». وفي هذا الإطار، رأى الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن الخطوة تمثّل «هجوماً مباشراً» على الحرّيات في الإقليم، مضيفاً إن المشروع «سيحدّ من المشاركة ومن التمثيل الديموقراطي وسيخنق النقاش». من جهته، حذّر الناطق باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بكين، من اعتماد المشروع الذي «يُعدّ مخالفاً للتعدّدية والحريات الأساسية»، محذّراً من أن «التكتُّل مستعدّ لاتخاذ إجراءات إضافية ردّاً على أنّ أيّ تدهور جديد وخطير لوضع الحرّيات السياسية وحقوق الإنسان في هونغ كونغ سيكون مخالفاً لالتزامات الصين الوطنية والدولية».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا