في خضمّ التوتُّر المتواصل مع الولايات المتحدة، ممثَّلة بإدارتها الجديدة، التي وضعت الصين على رأس تحدّيات القرن الحادي والعشرين، تبدو الأخيرة أكثر ميلاً إلى التهدئة منه إلى التصعيد. وهو ما يبرز جليّاً في موازنتها الدفاعية لعام 2021، المُعلَنة يوم أمس، والتي تلحظ زيادة طفيفة (+6.8%)، عن تلك المعتمدة في 2020 (+6.6%). وتعتزم بكين إنفاق 1,355,34 مليار يوان (209 مليارات دولار) على الدفاع، وهو رقم يقلّ بثلاث إلى أربع مرّات عن نفقات واشنطن في هذا المجال (732 مليار دولار). وتفيد، توازياً، بأن إنفاقها العسكري يتماشى مع نموها الاقتصادي، ويبقى معتدلاً نسبةً إلى أجمالي ناتجها المحلي (حوالى 2%).هذه الزيادة الطفيفة عزتها الصين إلى أسباب عدّة، منها اللحاق بالدول الغربيّة، وتحسين أجور العسكريين لجذب أشخاص يتمتّعون بمؤهلات عالية إلى الجيش. وتهدف من ورائها، أيضاً، إلى دعم مطالبتها بالسيادة على بحر الصين الجنوبي في مواجهة فيتنام والفيليبين خصوصاً، وفي بحر الصين الشرقي في جزر سينكاكو التي تسيطر عليها اليابان، فضلاً عن منطقة هملايا في مواجهة الهند التي توتّرت معها العلاقات خلال العام الماضي بفعل الاحتكاكات الحدودية. وكذلك، تلقي الاستعدادات لاحتمال الهجوم على تايوان، في حال استجابة هذه الأخيرة لنداءات حزب الرئيسة تساي إنغ وين بالاستقلال رسميّاً، بثقلٍ كبير على موازنة الجيش الصيني. وفي هذا الإطار، حذّرت وزارة الدفاع الصينية، في كانون الثاني/ يناير الماضي، من أن «إعلان استقلال تايوان يوازي إعلان حرب». وبما أن تايوان وبحر الصين الجنوبي يشكّلان أولويّة بالنسبة إلى بكين، يحظى سلاح البحرية، الذي تمّ تعزيزه العام الماضي بطائرات ومدمرتَين وحاملتَي مروحيات هجوميتين برمائيتين، بجزء كبير من الموازنة العسكرية.
في موازاة ذلك، تطمح الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى تسجيل نمو نسبته 6% خلال السنة الحالية، في وقت يستمر فيه اقتصادها بالتعافي من صدمة وباء «كورونا». وبحسب رئيس وزرائها، لي كه تشيانغ، الذي ألقى خطاباً طويلاً في افتتاح الدورة السنوية للبرلمان، فإن بلاده «ستواصل مواجهة العديد من المخاطر والتحدّيات في مجال التنمية»، مضيفاً إن «الأسس الاقتصادية التي ستدعم النمو الطويل الأمد لم تتغيّر». وفي خضم الانتعاش الاقتصادي، قد تبدو توقّعات النمو التي تقل عن 8% مخيّبة لآمال المستثمرين، ويحتمل أن تؤدّي إلى تقلبات في الأسواق. وبعدما لجأت إلى إجراءات إغلاق غير مسبوقة انعكست سلباً على النشاط الاقتصادي في البلاد، شهدت الصين تراجعاً تاريخياً لمعدل النمو خلال الربع الأول من 2020 (-6,8%). غير أنّ التحسّن التدريجي للوضع الوبائي في البلاد اعتباراً من الربيع، سمح لإجمالي الناتج المحلّي بالانتعاش. وبخلاف لغالبية دول العالم التي غرقت في الركود، أنهت الصين العام الماضي على معدّل نمو إيجابي (+2,3%)، لكنّ هذه النسبة هي أدنى بكثير من معدلات النمو التي اعتادتها منذ عام 1976. من جهة أخرى، حدّدت بكين هدفاً يقوم على استحداث حوالى 11 مليون وظيفة خلال العام الحالي، وهو عدد مماثل لعام 2019 قبل الجائحة. ووفقاً لرئيس الوزراء، ترمي الحكومة أيضاً إلى خفض مستوى البطالة إلى 5,5% في 2021، بعدما وصل إلى 5,6% في 2020.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا