بينما كان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ونظيرهم الأميركي، أنتوني بلينكن، مجتمعين، أوّل من أمس، لإقرار عقوبات على روسيا وبحث أخرى لفرضها على بيلاروسيا، التأمت قِمّة في سوتشي جمعت رئيسَي هذين البلدَين، فلاديمير بوتين وألكسندر لوكاشنكو، من دون أن يخرج منها بيان يرسم مساراً واضحاً لعلاقاتهما، ويُحدِّد مستقبل دولة الوحدة المعلّقة حتى إشعار آخر. وفي ضوء الضغوط التي يتعرّض لها النظام الحاكم في مينسك منذ فوز لوكاشنكو بولاية رئاسية سادسة في آب/ أغسطس الماضي، وما أعقب الانتخابات الرئاسية من أزمةٍ كادت تنزلق إلى فوضى عارمة، زكّتها خصوصاً معارَضة أوروبا والولايات المتحدة عودته إلى السلطة مرّة جديدة، يتمسّك الكرملين بحليف الأمر الواقع، طالما أن أيّ بديل عنه ليس متوافراً بعد. وعلى رغم إعلانهم، أخيراً، درس إجراءات عقابيّة جديدة بحقّ بيلاروسيا، يُدرك الأوروبيون الذين أقرّوا، حتى الآن، ثلاث مجموعات من العقوبات على مينسك وأدرجوا رئيسها في القائمة السوداء، أن تحرّكاتهم لن تأتي بأيّ نتيجة، في ظلّ الدعم الروسي الذي يحظى به لوكاشنكو، ورغبة بروكسل في الإبقاء على الجسور ممدودة مع موسكو.وباستثناء بعض الصور التي انتشرت للرئيسَين فلاديمير بوتين وألكسندر لوكاشنكو وهما يتزلّجان، ظلّت مقرّرات القمّة الأولى التي تنعقد بينهما منذ اندلاع احتجاجات بيلاروسيا التي أعقبت فوز هذا الأخير بالرئاسة، طيّ الكتمان. ولا تزال موسكو على علاقة وطيدة مع مينسك، وسط رغبةٍ من جانبها في تعميق التكامل بين البلدين، على رغم مخالفة لوكاشنكو نصائحها في مسألة الإصلاح الدستوري في البلاد، ورفضه نقل السلطة عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة. وكان الرئيس البيلاروسي أعلن بعد لقائه بوتين، خريف العام الماضي، اعتزامه تنظيم استفتاء شعبي على إصلاحات دستورية، يتبعه انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة تُخرج البلاد من الأزمة السياسية. ويسعى لوكاشنكو، هذه المرّة، إلى استحصال مكاسب إضافية من جارته على شكل قروض لا تقلّ عن ثلاثة مليارات دولار لدعم اقتصاد بلاده المترنّح، من دون تقديم تنازلات جوهرية على مستوى مشروع دولة الوحدة، واندماج أكبر لبلاده في المؤسسات المشتركة. ولا يزال رئيس بيلاروسيا يراهن على غياب بديل عنه يحفظ المصالح الروسية في مينسك، لا سيما بعدما رفضت موسكو الانفتاح على المعارضة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا