في قلب إدارة جو بايدن، ينصبّ الاهتمام على مستشاره للأمن القومي، الشاب جايك سوليفان. صاحب الـ43 عاماً، الذي يُعدّ أصغر مستشار للأمن القومي، سبقته الانطباعات عنه، بفعل عمله في إدارة الرئيس باراك أوباما، وفي حملة المرشّحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، لعام 2016. سوليفان كان، أيضاً، أحد مستشاري بايدن للسياسة الداخلية، ولديه خلفية واسعة في السياسة الخارجية، كما أنه عمل مستشاراً للأمن القومي لبايدن، خلال الولاية الثانية للرئيس الأسبق باراك أوباما. وشغل منصب رئيس التخطيط السياسي ونائب رئيس موظفي هيلاري كلينتون، عندما كانت الأخيرة وزيرة للخارجية. كذلك، كان أحد أعضاء مجموعة من المسؤولين الأميركيين الذين التقوا سرّاً مع مسؤولين إيرانيين، في عام 2013، لبدء التواصل الدبلوماسي الذي أدّى في النهاية إلى الاتفاق النووي.بناءً على تلك المعطيات، يُطرح السؤال: كيف سيبدو مجلس الأمن القومي بقيادة سوليفان؟ يطمئن هذا الأخير إلى أن إدارته ستكون محصورة ودقيقة، وذلك ردّاً على الانتقادات التي أُلحقت بمجلس الأمن القومي التابع لأوباما، الذي اتُّهم بالتدخّل في صلاحيات وكالات الحكومة، سواء عن طريق تحديد مستويات القوات، أو الإصرار على التوقيع على استهداف أفرادٍ بطائرات من دون طيار. يتبنّى سوليفان شعار «التصنيع أولوية» في القطاعات كافة: الصحّة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، للنهوض باقتصاد بلاده، بينما يرى أن سياسة بلاده الخارجية ينبغي أن تتبع خطّاً متوازناً، وأن تتجنّب نهج الصدام الذي اتّبعه دونالد ترامب، كما فعل مع إيران.
«أرى وظيفتي تتعلّق بشكل أساسي بدعم وتطوير عمل فريق الأمن القومي الأوسع في خدمة مهمّة الرئيس المنتخَب واستراتيجيّته»، يقول سوليفان في حديث إلى صحيفة «بوليتيكو»، مضيفاً أن «هدفي هو أن أضع عملية قادرة على إعطاء التوجيه الكافي، ولكن أيضاً تمكين الإدارات والوكالات لتكون رأس الحربة لتنفيذ ذلك».
أحد المواضيع الرئيسة التي يُركّز عليها سوليفان هو استعادة التحالفات والشراكات


«التركيز الرئيسي» لعمل مجلس الأمن التابع لبايدن، على الأقلّ في البداية، سيكون على التغلّب على جائحة فيروس «كورونا»، وإعادة هيكلة المجلس بهدف جعل الصحّة العامّة أولوية دائمة للأمن القومي. وفي هذا السياق، قد لا يختلف الأمر عن طريقة تعاطي إدارة ترامب مع الصين. «الطريقة للتأكّد من عدم حدوث ذلك مرّة أخرى، هي عبر إرسال رسالة واضحة جدّاً إلى الصين مفادها أن الولايات المتحدة وبقية العالم لن يقبلوا بظرف لا يوجد لدينا فيه نظام فعّال، ذو بعد دولي، لمراقبة الصحّة العامة، في الصين، وفي جميع أنحاء العالم»، يتابع سوليفان.
أحد المواضيع الرئيسة التي يعود إليها سوليفان، مراراً وتكراراً، هي استعادة التحالفات والشراكات التي تمّ تجاهلها أو ازدراؤها في عهد ترامب. «على عكس سياسة السنوات القليلة الماضية، سنكون قادرين على حشد بقية العالم خلفنا» في شأن قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسة، مثل الضغط على إيران للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي حتى تتسنّى للولايات المتحدة العودة إلى المفاوضات»، يواصل سوليفان في حديثه إلى «بوليتيكو». سوليفان كان قد أشار، سابقاً، إلى أن الإدارة الجديدة تريد إعادة إيران «إلى الصندوق» من خلال الانضمام إلى الاتفاق النووي، وإجبار طهران على الامتثال لشروط الاتفاقية الأصلية، وستكون الولايات المتحدة مستعدّة لاحترام شروط اتفاق 2015. وخلال قمة مجلس الرؤساء التنفيذيين التي نظّمتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال: «نعتقد أنه ممكن وقابل للتحقيق».
إلّا أنه، ووزير الخارجية الجديد توني بلينكن، بدآ، خلال الأسابيع الأخيرة، يتبنّيان مواقف متشدّدة وصارمة تجاه إيران؛ إذ أعطى المسؤولان انطباعات في مناسبات عديدة بأنّهما ليسا في عجلة من أمرهما لإعادة الدخول في الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، أو رفع العقوبات التي فرضت خلال السنوات الأربع الماضية. وطلب بلينكن وسوليفان من إيران أن تُظهر بعض حسن النية بشأن القضية النووية أولاً. وعلاوة على ذلك، هما يريان أن هدف أميركا يجب أن يكون إعادة التفاوض على الاتفاقية من أجل ضمان عدم السماح لطهران في نهاية المطاف ببناء سلاح نووي، بل إن سوليفان يعتقد، في مقابلة على موقع «جي بي إس» على شبكة «سي إن إن»، أنه بمجرّد عودة إيران إلى الامتثال للاتفاق، ستكون هناك «مفاوضات متابعة» في شأن قدراتها الصاروخية، على رغم رفض إيران المتكرّر أيّ تفاوض على برنامجها الصاروخي.