لم تكد تمّر ٢٤ ساعة على اعتقال السلطات الروسية المعارض أليكسي نافالني، وهو في رحلة العودة إلى موسكو آتياً من ألمانيا، بعد نجاته من «تسميم مفترض»، حتّى بدأ الأخير بالتحريض على حكومة بلاده. وعمد مساعده، ليونيد فولكوف، إلى الإعلان عن بدء الاستعداد لتنظيم «تظاهرات كبيرة في أنحاء البلاد كافة»، في الـ23 من الشهر الحالي، فيما نُشر مقطع فيديو دُعيَ خلاله الشعب الروسي إلى «النزول إلى الشارع». وقال المعارض الروسي، في الفيديو الذي التقط في قاعة المحكمة قبل بضع دقائق من صدور قرار قضائي بوضعه في الحجز حتى الـ15 من شباط / فبراير: «لا تخافوا، انزلوا إلى الشارع، ليس من أجلي لكن من أجلكم، من أجل مستقبلكم»، مضيفاً: «لا تصمتوا، قاوموا، اخرجوا إلى الشارع».تحرّكُ نافالني جاء، على الرغم من أنّ السلطات الروسية كانت قد أعلنت في وقتٍ سابق نيّتها اعتقاله في حال عودته إلى البلاد. وقد تزامن مع رفع دولٍ غربية أصواتها للتنديد باعتقاله، الأمر الذي اعتبرته موسكو «محاولات لصرف أنظار مواطنيها عن مشاكلها الداخلية». وأمس، عبّرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء توقيف نافالني، داعية إلى الإفراج الفوري عنه. الأمر ذاته عبّرت عنه بريطانيا، على لسان وزير خارجيتها دومينيك راب، معربة عن «قلقها العميق» إزاء توقيف المعارض الروسي، وداعية موسكو إلى التحقيق في كيفية «استخدام سلاح كيميائي على أراضيها»، بدلاً من «اضطهاد نافالني». من جهتها، دعت ليتوانيا إلى فرض عقوبات أوروبية جديدة على روسيا، فيما طالبت بولندا بـ»ردّ سريع وحاسم على المستوى الأوروبي».
كذلك الأمر بالنسبة إلى فرنسا التي دعت إلى الإفراج الفوري عن نافالني، فيما دانت الولايات المتحدة عملية الاعتقال واعتبرتها محاولة من موسكو لـ»إسكات الأصوات المعارضة». أمّا ألمانيا، فقد سارع وزير خارجيّتها هايكو ماس إلى مطالبة موسكو بالإفراج فوراً عن نافالني. وقال إنّ المعارض الروسي «أخذ القرار بالعودة إلى روسيا لأنّه يعتبرها موطنه الشخصي والسياسي»، وتوقيفه من جانب السلطات لدى وصوله «غير مفهوم على الإطلاق».
في المقابل، ردّت موسكو على الدعوات الغربية، على لسان وزير خارجيّتها سيرغي لافروف، الذي وصف التنديد الغربي بـ»محاولةٍ لتستّر هذه الدول على أزماتها الداخلية». وفي مؤتمر صحافي عقده أمس على الإنترنت، أشار لافروف إلى أنّ جميع التصريحات الغربية المناهضة لروسيا بشأن اعتقال نافالني «مستنسخ بعضها من بعض». وأضاف: «يبدو أنّ هذا الحدث يسمح للسياسيين الغربيين بصرف الانتباه عن الأزمة العميقة التي وقع فيها النموذج الليبرالي للتنمية»، موضحاً أنّ اعتقال نافالني «يدخل ضمن اختصاص سلطات إنفاذ القانون، والقوانين الروسية مطبّقة في هذا الصدد».