وصل الفصل الأخير من رئاسة دونالد ترامب، حالياً، إلى سؤال مفصلي: في ظلّ أيّ ظروف سيترك منصبه؟ النهاية ستحلّ بعد أيام مدفوعة بعدد من الاحتمالات التي لم يكن ترامب يتخيّلها قبل أعمال الشغب التي قام بها أنصاره، يوم الأربعاء في الكابيتول. ها هو يسمع دعوات إلى استقالته من أصوات محافظة، من بينها صحيفة «وول ستريت جورنال» التي يملكها أحد حلفائه، روبرت مردوخ. وفي إدارته، يتخلّى أعضاء حكومته وموظفو البيت الأبيض عنه، رغم أنّه ربما فات الأوان للهروب من تداعيات الوقوف إلى جانبه لفترة طويلة. وأبعد من ذلك، من المنتظر أن يقدّم الديموقراطيون في مجلس النواب، اليوم، لائحة لمحاكمته برلمانياً، سعياً لعزله، في حين أفادت تقارير بأنّ نائبه مايك بنس قد يفعّل إحدى مواد الدستور لتنحيته. وقد نقلت شبكة «سي إن إن» عن مصدر مقرّب من هذا الأخير، أنّه لا يستبعد التوجّه نحو تفعيل التعديل 25 من الدستور، وأنّه قد يلجأ إليه في حال ازداد الرئيس تهوّراً. تتعدّد الخيارات التي لا تأتي لصالح الرئيس الذي تشارف ولايته على الانتهاء، ورغم ذلك هو يصرّ على عدم نيّته الاستقالة، على ما أفادت به صحيفة «ذا نيويورك تايمز»، التي أشارت أيضاً إلى أنه أعرب، في محادثات له، عن ندمه على الكلمة المسجّلة التي وجّهها عبر الفيديو الخميس الماضي، وتحدّث فيها عن انتقال سلمي للسلطة، بعد يوم من اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس. بل أكثر من ذلك، كشفت صحيفة «ذا واشنطن بوست» أنّ ترامب غضب من بنس لأنّه لم يعرقل تصديق الكونغرس على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
يأتي ذلك بينما ترتفع حظوظ الديموقراطيين الهادفة إلى عزله عبر المحاكمة البرلمانية، في ظلّ انضمام عدد من الجمهوريين إليهم. فقد أفادت وسائل إعلام أميركية بأنّ مشرّعين جمهوريين كانوا حلفاء لترامب، أكدوا أنّهم سيؤيّدون مساعي الديموقراطيين لعزله في حال كانت اللائحة الخاصة بالمحاكمة البرلمانية المحتملة معقولة. وقد صرّح السيناتور الجمهوري بات تومي، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، بأنّه يعتقد أنّ الرئيس ارتكب جرماً يستوجب محاكمته في الكونغرس. وبهذا، ينضم تومي إلى عدد آخر من النواب الجمهوريين، على غرار السيناتورة ليزا موركوفسكي، والنائب آدم كينزينجر، وغيرهما ممّن دعوا إلى استقالة ترامب، أو إلى استخدام التعديل 25 في الدستور الأميركي.
ترتفع حظوظ الديموقراطيين في ظلّ انضمام عدد من الجمهوريين إليهم


الديموقراطيون يمضون في مسار سريع لإطلاق محاكمة برلمانية، وهم ينوون تقديم لائحة الاتهام، اليوم. ورغم الصعوبات التي ينطوي عليها هذا المسار، مع بقاء نحو 10 أيام فقط على انتهاء ولاية ترامب، إلّا أنّه يبدو أنّهم مصمّمون على اتخاذ إجراء قوي، ولا سيما أنّ احتمال نجاح المحاكمة قد يؤدّي إلى منع ترامب من الترشّح للرئاسة في المستقبل، أو تولّي أي منصب رسمي. وقد نشر المشرّعون الديموقراطيون مسودّة اللائحة، التي تركّز على أفعال ترامب بعد انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، والتي تقول إنّ محاكمته سببها تحريضه على العنف واقتحام مبنى الكونغرس، كما تنصّ على منع ترامب من تقلّد أي منصب حكومي في المستقبل. ونشر النائب الديموقراطي تيد ليو، نسخة من المسودّة، على صفحته على موقع «تويتر»، تضمّنت بنداً واحداً حمل عنوان «التحريض على التمرّد»، مؤكّداً أنّ المشروع سيُطرح يوم الإثنين (اليوم)، متوقّعاً أن يتمّ التصويت عليه منتصف الأسبوع المقبل. وتعهّد ليو بمحاسبة كل من شارك في ما سمّاه محاولة الانقلاب، بمن فيهم محامي ترامب، رودي جولياني. وجاء في الوثيقة أنّ ترامب، من خلال تكرار ادعاء فوزه في الانتخابات، وتشجيع أنصاره على الاعتداء على الكونغرس، عرّض أمن الولايات المتحدة والمؤسّسات الحكومية للخطر، وهدّد نزاهة النظام الديموقراطي، وأعاق الانتقال السلمي للسلطة. وتضيف الوثيقة أنّ ترامب أظهر أنه لا يزال يمثّل تهديداً للأمن القومي والديموقراطية والدستور إذا سُمح له بالاستمرار في منصبه. كذلك، أشار النائب ليو إلى أنّ 180 نائباً وقّعوا على لائحة الاتهام بعد ساعات قليلة من نشرها، وأكد أنّ نص الاتهام صيغ بطريقة تهدف إلى الحصول على دعم المشرّعين الجمهوريين، موضحاً أنّ بعض الجمهوريين قالوا سرّاً إنهم سيصوّتون لصالح عزل ترامب.
وفي سياق متّصل، وزّع زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، على الجمهوريين في المجلس، مذكّرة توضح كيف ستجري المحاكمة المحتملة لترامب إذا وجّه مجلس النواب الاتهام إليه. ووفقاً لما نقلته صحيفة «ذا واشنطن بوست»، فإنّ ماكونيل أخبر الجمهوريين بأنّ مجلس الشيوخ لن يجتمع قبل 19 كانون الثاني / يناير، لكونه عملياً في فترة استراحة. ويعني ذلك أنّ إجراءات المحاكمة في مجلس الشيوخ قد لا تبدأ إلّا بعد انتهاء ولاية ترامب في 20 يناير / كانون الثاني، نظراً إلى أنّ المجلس يأخذ يوماً على الأقل لإطلاق العملية بعد تلقّيه لائحة الاتهام من مجلس النواب.
في هذه الأثناء، أفادت شبكة «سي أن أن» بأنّ المحقّقين الفدراليين أوقفوا شاحنة محمّلة بالأسلحة والمتفجّرات في محيط مبنى الكونغرس (الكابيتول) قبيل اقتحام أنصار ترامب المبنى. كذلك، أكد المحقّقون توقيف رجل آخر في واشنطن كان يحمل بندقية ومئات طلقات الذخيرة الحية، وكان قد أخبر معارفه بأنه يريد إطلاق النار على رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي أو دهسها.
وعلى المستوى السياسي، كشفت الشبكة، نقلاً عن مصادر، أنّ ترامب تحدّث مع السيناتور تومي تابرفيل، خلال جلسة التصديق على انتخاب بايدن، وطلب منه تقديم اعتراضات إضافية على فوز الأخير، بهدف فتح المجال للاعتراض على نتائج كلّ ولاية من الولايات.