تقف فنزويلا على مسافة يومين من إجراء انتخابات تشريعية، هي الأولى بعد مضيّ ثلاث سنوات من الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على النظام الحاكم في كاراكاس، بمساعدةٍ من المعارضة اليمينية داخل البلاد، ممثّلةً في شخص رئيس البرلمان خوان غوايدو، الذي خاض بدوره محاولات فاشلة للانقلاب على النظام. انتخاباتٌ حورِبَت قبل أن تنطلق، ولا سيما من قِبَل واشنطن وأذرعها في الداخل الفنزويلي، إذ أعلنت المعارضة، بقيادة غوايدو، في وقتٍ سابق، مقاطعة السباق، فيما حذّرت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أن هذه الانتخابات "ستكون مزوّرة إلى حدٍّ بعيد"، متّهمة الرئيس اليساري، نيكولاس مادورو، بـ"السعي إلى التلاعب بنتائجها".وبينما يستعدّ أكثر من 20 مليون فنزويلي للاقتراع بعدَ غدٍ الأحد في انتخابات يتنافس فيها المئات على 277 مقعداً نيابياً، بدأت حكومة كاراكاس بتنفيذ سلسلة إجراءات تهدف إلى ضمان سير العملية الانتخابية، تضمّنت خصوصاً تنظيم لجان المراقبة، والتحضيرات اللوجستية في مراكز الاقتراع، إضافة إلى إعداد خطّة تباعد اجتماعي آمنة للحدّ من انتشار فيروس "كورونا". أتى ذلك وسط تأكيد مادورو عدم السماح "بتخريب العملية الانتخابية"، وتحذيره من "مؤامرة إرهابية جديدة تحاك على يد عملاء أجانب لإثارة قلاقل وشنّ هجمات تهدف إلى عرقلة ​الانتخابات وتعطيلها"، وذلك بعد حصول قطاعات ومصادر في الخارج على معلومات تتحدّث عن "الإعداد لأعمال عنف وهجمات لإيقاع فوضى وأزمات في ​فنزويلا​، ومن مسؤوليتنا تنبيه الناس وإبلاغهم بهذه المعلومات التي حصلنا عليها أخيراً، والتي نتعامل معها"، وفق ما أفاد به مادورو. وحذّر هذا الأخير من أن "​اليمين المتطرّف​ يعدّ لأعمال فتنة في محاولة منه لإحداث ​العنف​ من خلال مجموعة متنوّعة من الوسائل بالتنسيق مع متزعّم المعارضة اليمينية، ​خوان غوايدو....​ أقولها بثقة إننا لن نسمح بذلك، وهم لم ولن يكونوا قادرين على جلب العنف إلى شوارعنا، بل ستسود الحملةَ الانتخابية أجواءٌ حرّة وسعيدة".
هذه التحذيرات ترافقت مع إطلاق مادورو خطّة سمّاها "النضال من أجل الحقيقة في فنزويلا"، وكان هو أوّل المنخرطين فيها، وقد نشر رقم هاتف يتيح لمواطنيه التواصل معه عبر تطبيقَي "واتسآب" و"تيليغرام". وفي تغريدة له عبر حسابه في موقع "تويتر"، قال مادورو: "سأنخرط منذ اليوم في النضال من أجل الحقيقة من خلال واتسآب وتيليغرام". وتابع الرئيس الفنزويلي مخاطباً مواطنيه: "ها هو هاتفي (0426216887) ضُمّوني إلى مجموعاتكم".
وعلى رغم وصف هذه الانتخابات، من قِبَل المجتمع الغربي، بأنها "امتداد لأزمة كاراكاس الاقتصادية والسياسية"، والدعوات المتكرّرة إلى تأجيلها، يرى محلّلون أن من شأنها تخفيف حدّة الصراع السياسي القائم في البلاد، من خلال ظهور معارضة برلمانية معتدلة، ما يسهّل الحوار الوطني. وفي ظلّ مقاطعة المعارضة اليمينية بأحزابها الـ 30 الانتخابات، يرجّح هؤلاء تكرار سيناريو عام 2005، حين قاطعت المعارضة، آنذاك، الانتخابات التشريعية، الأمر الذي سمح لحزب الرئيس الراحل، هوغو تشافيز، بالسيطرة على المجلس النيابي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا