في الأيام القليلة المقبلة، ستُثبّت تركيا موطئ قدمٍ دائماً لها في جنوب القوقاز، كثمنٍ لمساهمتها في جعل «نصر» أذربيجان واستعادة أجزاء من أراضيها المحتلّة ممكناً، بعد هزيمة الأرمن في ناغورنو قره باغ. وكان قد نصّ اتفاق وقف الحرب الموقَّع بين الأطراف الثلاثة، يريفان وباكو وموسكو، على إنشاء مركزٍ لمراقبة وقف إطلاق النار، من دون أن يأتي على ذكر أنقرة. غير أن طلب الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يوم أمس، موافقة البرلمان على إرسال عسكريين إلى أذربيجان بهدف المشاركة في دوريات روسية - تركية لمراقبة تطبيق بنود وقف النار في إقليم قره باغ، بَيّن الدور الذي سيؤدّيه الجانب التركي. في نصّ أُرسل إلى الجمعية الوطنية يحمل توقيعه، طلب إردوغان الموافقة على إرسال جنود لإقامة «مركز تنسيق» مع روسيا لمراقبة احترام الهدنة. وأشار النصّ إلى أن العسكريين الذين ستُرسلهم أنقرة، حليفة باكو، سينتشرون «للمشاركة في أنشطة مركز التنسيق الذي سيُقام مع روسيا» و«ضمان احترام وقف إطلاق النار». ويُعدّ إذن البرلمان لنشر الجنود أمراً شكلياً، وهو سيمتدّ على عام، فيما سيحدّد إردوغان عدد العسكريين الذين سيتمّ إرسالهم.وبهدف مراقبة الاتفاق الذي يكرّس استعادة باكو لأراضٍ في قره باغ ومحيطها وينصّ على انسحاب الأرمن من بعض المناطق، بدأت موسكو في الأيام الأخيرة نشر حوالى ألفَي جندي يشكّلون قوّة «حفظ السلام». وفي وقت لم يأتِ فيه الاتفاق على ذكر تركيا أبداً، أكّدت أنقرة، بعد توقيعه، أن جنوداً أتراكاً سيشاركون في مراقبة وقف النار من مركز تنسيق. وتباحث مسؤولون أتراك وروس، يومَي الجمعة والسبت، في أنقرة، في سير عمل هذا المركز، الذي لم يتمّ الإعلان عن تاريخ افتتاحه أو حتى موقعه.
اعتبر الكرملين أن قرار أنقرة إرسال قوّات إلى باكو شأن داخلي تركي


وفي أوّل تعليق من باكو، قالت وكالة الأنباء الأذربيجانية إن «إرسال قوّات تركية إلى أذربيجان ينسجم مع اتفاقات التعاون الاستراتيجي الموقَّعة بين البلدين»، معتبرةً ذلك خطوة ضرورية وتخدم المصالح القومية والوطنية الأذربيجانية. من جانبه، اعتبر الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن قرار أنقرة إرسال قوات إلى باكو شأن داخلي تركي، مشيراً إلى أنه سيكون هناك مركز مراقبة لوقف إطلاق النار على أراضي أذربيجان، ويجب إرسال عسكريين أتراك إلى هناك. ورأى رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، بدوره، أن أيّ تغيير في بنود الاتفاق الذي وقّعته بلاده مع أذربيجان، الأسبوع الماضي، لإنهاء الحرب في إقليم قره باغ، أمر غير واقعي في الوقت الراهن. وأكّد أن التعديلات تعني تغيير الوضع العسكري، وهو أمر غير ممكن حالياً، لافتاً إلى أن هناك حاجة إلى مفاوضات حول وضع الإقليم. وقال باشينيان إنه لن يكون هناك تغيير في وضع قوات الدفاع التابعة لإقليم قره باغ في ضوء وجود قوات حفظ السلام الروسية فيه، مضيفاً أن «هذه القوات ستستمرّ في تأدية دورها الذي ينبغي تطويره وتقويته لضمان سيادة الإقليم». ولفت إلى أن هناك مئات من الجنود الأرمن الذين ما زالوا مفقودين، متابعاً أن تبادل الأسرى سيتمّ بعد الانتهاء من تبادل الجثث في الوقت الراهن.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا