بات الحزب الجمهوري أقرب إلى الاعتراف بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، على رغم تأييده السير قُدُماً في عملية الطعون الانتخابية. مسارٌ يعرف دونالد ترامب أنه لن يأتي بمعجزة تقلب النتيجة لمصلحته، على ما تفيد تسريبات دائرته. إلا أن ذلك لا يعني بأيّ حال من الأحوال موافقة الرئيس الحالي على الإقرار بالهزيمة، حتى وإن قَبِل مُكرهاً التعاون في نقل السلطة. فترامب يركن إلى شرعية شعبية جعلته متأخراً بخمسة ملايين صوت فقط عن بايدن، بعدما تجاوز إجمالي الأصوات المفرزة حاجز الـ153 مليوناً.رفعت حملة ترامب دعاوى قضائية في خمس ولايات رئيسة على الأقلّ، بزعم حدوث تزوير أو مخالفات في العملية الانتخابية. وستجري إعادة فرز يدوية للأصوات في جورجيا - حيث يتقدَّم بايدن حالياً بفارق 14 ألف صوت على ترامب، أو ما يعادل 0.3% -، ومن غير المستعبد أن تجري أيضاً في ولايتَي ويسكونسن وبنسلفانيا. وكلّها مساعٍ تكاد لا تحظى بأيّ فرصة لتغيير نتيجة الاقتراع. في الوقت الحالي، يستمرّ العدّ في عدد قليل من الولايات الرئيسة، مثل بنسلفانيا. ولدى كلّ ولاية موعد نهائي يجب أن يكون مسؤولو الانتخابات بحلوله قد صادقوا على النتائج وتحقّقوا من صحة عدد الأصوات التي حصل عليها كلّ مرشح: جورجيا لديها حتى 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، وبنسلفانيا حتى 23، وأريزونا حتى 30 منه. بحسب جون فورتيير، المتخصّص في الانتخابات في مركز «بايبارتيزان بوليسي سنتر» الذي يسعى إلى أن يكون جسراً بين الديمقراطيين والجمهوريين: «لا أعتقد أنه سيتعيّن علينا انتظار كلّ ولاية للتصديق رسمياً على نتائجها». ويضيف: «في مرحلة ما، ربّما في الأيام القليلة المقبلة، مع تقدُّم عملية العدّ وربما رفض بعض الدعاوى، سنرى أن الفروقات أكبر من أن يكون في الإمكان عكسها عن طريق الإجراءات القانونية. هذه هي الطريقة التي ستُحلّ بها المشكلة».
في جورجيا، أفاد سكرتير الولاية الجمهوري، براد رافينسبيرغر، في حديث إلى «سي إن إن»، بأنه أمر بإعادة فرز الأصوات يدوياً، لأن الفارق متقارب جداً، على رغم إقراره بأن الأصوات أُحصيت بدقّة. وعن مزاعم التلاعب، أكد أن التحقيقات مستمرّة، «لكنّنا لم نلحظ شيئاً»، ولا توجد أدلّة على أيّ فوارق كبيرة تكفي لقلب تقدُّم الرئيس الأميركي المنتخَب. يجري ذلك في وقت يمضي فيه ترامب، الرافض الاعتراف بالهزيمة، قُدُماً في عملية الطعون القانونية في عدة ولايات، لمحاولة تغيير النتيجة. في هذا الإطار، توجّه فريقه إلى محكمة اتّحادية لمحاولة منع ولاية ميشيغان من التصديق على نتائج الانتخابات، حيث يتخلّف الرئيس الحالي بنحو 148 ألف صوت. لكن المسؤول في الولاية، جيك رولو، أكد أن حملة الرئيس الجمهوري تُروّج لمزاعم كاذبة لتقويض الثقة العامة في الانتخابات. أمّا في أريزونا، حيث حصل بايدن على 5,826 صوتاً إضافياً ليحافظ على تقدّمه في الولاية بواقع 11,635 صوتاً، فقال المدّعي العام الجمهوري، مارك برنوفيتش، إنه لا توجد أدلّة، حتى الآن، على عمليات تزوير في الولاية، أو أيّ مخالفات أخرى من شأنها التأثير في نتائج الانتخابات.
بدأ قادة الحزب الجمهوي، تدريجيّاً، بمطالبة ترامب بالتعاون مع الفريق الانتقالي


في هذا الوقت، أفادت شبكة «إن بي سي» الإخبارية، نقلاً عن مستشاري ترامب، بأن الرئيس ربّما يَقبل نتائج الانتخابات، لكنه لن يعترف بالخسارة حتى بعد التصديق على الأصوات في الولايات المتنازع عليها. أمّا شبكة «سي إن إن»، فنقلت عن مصدر مطلع قوله إن الرئيس الأميركي التقى، قبل أيّام، بمستشاريه لمناقشة الخطوات المقبلة في استراتيجيته القانونية. وأضافت أنه بدا متشكّكاً إزاء جهود فريقه القانوني، لكنه يعتزم الاستمرار في الطعون، على رغم أن بعض مستشاريه يقولون سراً إنه لا توجد لديه أيّ فرصة. وأوضحت الشبكة أن أحد الجمهوريين المقرّبين من البيت الأبيض توقّع أن تتوصّل الجهود القانونية إلى نتيجة بحلول الأسبوع المقبل، ما من شأنه أن يزيد الضغط على الرئيس للقبول بالنتيجة. وتوازياً، بدأ قادة الحزب الجمهوي، تدريجيّاً، بمطالبة ترامب بالتعاون مع الفريق الانتقالي. وفي هذا الإطار، قال السناتور الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، بات تومي: «أعتقد أنه سيكون من الأفضل الشروع في عملية نقل السلطة، وأتوقّع ذلك قريباً، يبدو أن الأمور تتّجه إلى التصديق قريباً على فوز بايدن بالرئاسة»، فيما لوّح السناتور جيمس لانكفورد بالتدخل إذا استمرّت إدارة ترامب في عدم السماح لبايدن بالاطلاع على الإحاطة الاستخباراتية اليومية بصفته الرئيس المنتخَب، وهو ما عبّر عنه أيضاً السناتوران الجمهوريان تشاك غراسلي وليندسي غراهام.
ثمّة خشية من مآلات تأخُّر نقل السلطة، إذ حذّر مسؤولان سابقان مِن أن غياب التعاون بين الإدارة المنتهية ولايتها وتلك القادمة، في ظلّ الفوضى التي تعيشها البلاد، وانتشار وباء «كورونا»، ربّما تكون له عواقب وخيمة على أمن الولايات المتحدة واقتصادها. واعتبر الجمهوري أندي كارد، الذي شغل منصب كبير الموظفين في عهد جورج دبليو بوش، والديمقراطي جون بوديستا الذي شغل المنصب ذاته في عهد بيل كلينتون، في مقالة مشتركة لهما نشرتها «واشنطن بوست»، أن شواهد التاريخ تؤكّد أن أعداء أميركا يسعون إلى استغلال المراحل الانتقالية للنيل منها، وأبرز دليل على ذلك الهجوم الإرهابي الذي تمّ إحباطه عشية تنصيب باراك أوباما. وأشارا إلى أن تقرير اللجنة المكلّفة بالتحقيق في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر وجد أن الانتقال المتأخّر للسلطة بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2000، أعاق الإدارة الجديدة عن اختيار وتجنيد وتعيين مسؤولين رئيسين في مجال الأمن القومي، والحصول على موافقة مجلس الشيوخ على ذلك.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا