خلصت المباحثات التي رعَتها روسيا بين وزيرَي خارجيتَي أرمينيا وآذربيجان، الجمعة، إلى اتّفاق الطرفين على هدنة إنسانية دخلت حيّز التنفيذ أول من أمس. هدنةٌ أكّدت موسكو أنها ستُستتبع بمفاوضات «جوهرية» تتيح التوصّل إلى «حلّ سلميّ» للصراع تحت مظلّة «مجموعة مينسك» (روسيا وفرنسا والولايات المتحدة)، فيما لفتت باكو إلى أن البيان الختامي لمحادثات الجمعة دعا إلى ضرورة سحب يريفان قوّاتها من إقليم ناغورنو قرّه باغ المتنازع عليه. يوضح ذلك الاتجاهين المتعارضَين للجارتَين، خصوصاً في ظلّ رفض الجانب الأرميني التخلّي عن «أرتساخ» تحت أيّ ظرف، ما من شأنه، في ظلّ صراع القوى الإقليمية في منطقة جنوب القوقاز، أن يفخّخ مفاوضات السلام، حتّى قبل أن تنطلق.تحدّث الرئيس الآذربيجاني، إلهام علييف، طويلاً عن رؤيته للحلّ، وذكر أن النسخة النهائية من وثيقة التفاهمات الموقّعة في موسكو تراعي جميع مطالب باكو، لافتاً، في مقابلة مع قناة «آر بي سي» الروسية، إلى الأهمية المبدئية لانعكاس موقف بلاده في البيان الختامي للاجتماع، خصوصاً في ما يتعلّق بضرورة إطلاق مفاوضات جوهرية بين باكو ويريفان وتأكيد ثبوت صيغتها. وقال علييف إن من المهمّ مبدئياً قبول الجانب الأرميني بالمبادئ الأساسية للتسوية، والتي تُحدِّد كيفية إعادة الأراضي المتنازع عليها إلى بلاده تدريجياً، وتنصّ على أن المفاوضات دائرة مباشرة بين آذربيجان وأرمينيا، من دون إشراك «جمهورية قره باغ»، مؤكداً أن مدّة سريان الهدنة ستتوقّف على مدى التزام الجانب الأرميني، ومشدّداً على ضرورة أن تُظهر يريفان حسن نية على طاولة التفاوض وتقبل بأنها «لن ترى مجدداً» الأراضي المتنازع عليها.
علييف: على أرمينيا أن تقبل بأنها «لن ترى مجدّداً» الأراضي المتنازع عليها


في هذا الوقت، تتعرّض الهدنة التي توسّطت روسيا في ترتيبها، وتهدف إلى تنظيم تبادل سجناء وجثث جنود، لضغوط شديدة، في ظلّ التراشق الأرميني - الآذربيجاني، والاتهامات المتبادلة بخرقها. وفي هذا الإطار، أكّد الزعيم الأرمني لقرّه باغ، أرايك هاروتيونيان، أمس، أن الوضع «أكثر هدوءاً» من اليوم السابق، لكنّه حذّر أيضاً من أن استمرار القتال سيتطلّب من أرمينيا الاعتراف باستقلال الإقليم، قائلاً إن «أرتساخ لن تكون أبداً جزءاً من آذربيجان»، ومندّداً بما سمّاه «التحالف الدولي الإرهابي» الذي أقامته، بحسب قوله، باكو وأنقرة. وفي ما يخصّ المفاوضات المرتقبة مع باكو، أبدى هاروتيونيان تخوّفه إزاءها، متّهماً آذربيجان بأن لديها «هدف تنفيذ إبادة لكلّ أمّتنا وشعبنا وثقافتنا وتاريخنا». ولدى الإعلان عن الهدنة، أكّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الجانبين اتّفقا على بدء «مفاوضات جوهرية» للتوصّل إلى حلّ سلمي للنزاع، بوساطة من رؤساء «مجموعة مينسك»، فيما أشارت وزارة الخارجية التركية إلى أن وقف إطلاق النار يُعدُّ «خطوة أولى مهمّة، لكنه لن يحلّ مكان الحلّ الدائم». وأضافت أنقرة أن باكو منحت يريفان «الفرصة الأخيرة للانسحاب من الأراضي التي تحتلّها»، مؤكّدة أن «آذربيجان أثبتت لأرمينيا وللعالم أنها تستطيع استعادة أراضيها المحتلة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا