فرضت وزارة الخزانة الأميركية، مساء أول من أمس، حزمة جديدة من العقوبات على إيران، مستهدِفةً هذه المرّة القطاع المصرفي في الجمهورية الإسلامية، حيث طالت العقوبات، بحسب بيان الوزارة الأميركية، 18 مصرفاً إيرانياً، أحدها مرتبط بالجيش الإيراني. وأوضح البيان أن المصارف المشمولة بالعقوبات هي "بنك کشاورزي، بنك مسکن، بنك رفاه کارغران، بنك شهر، بنك اقتصاد نوین، بنك قرض ‌الحسنه رسالت، بنك حکمت ایرانیان، بنك ایران‌ زمین، بنك همكاري‌ هاي منطقه‌ اي اسلامي، بنك کار آفرین، بنك خاورمیانه، بنك مهر ایران، بنك باسارغاد، بنك سامان، بنك سرمایه، بنك توسعه تعاون، بنك غردشغر". وأشار إلى أن "هذه العقوبات تأتي في إطار الالتزام بالتصدّي للحصول الإيراني غير الشرعي على العملة الأميركية"، ما ينبئ بأن واشنطن تسعى إلى إغلاق كلّ المنافذ أمام طهران للحصول على الدولار اللازم لتمويل أنشطتها الاقتصادية، ولا سيما في ظلّ التهاوي الحاصل في قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار الأميركي، حيث بلغت قيمة الدولار الواحد 29700 تومان.وعلى رغم ادّعاء الولايات المتحدة أن هذه العقوبات تستهدف "النظام الإيراني لا الشعب"، وحديثها عن أنها تستثني من العقوبات العمليات المتعلّقة بالسلع الأساسية الزراعية والأغذية والأدوية والأجهزة الطبية، إلّا أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، اتّهمها بأنها "تحاول وسط جائحة كورونا تفجير قنوات إيران المتبقّية لدفع ثمن الغذاء والدواء"، معتبراً أن "التآمر لتجويع السكان يُعدّ جريمة ضد الإنسانية". ورأى ظريف أن "المذنبين ومَن يساعدهم في منع إيران من الوصول إلى أموالها سيواجهون العدالة"، مؤكداً في ختام تغريدته أن "الإيرانيين سينجون من هذه الأعمال الوحشية".
في المقابل، لم تُشِر بقية المواقف الإيرانية، على رغم تطرّقها إلى تعارض العقوبات الجديدة مع حقوق الإنسان، إلى ما تناوله ظريف من أثر لها على استيراد الغذاء والدواء، بل قَلّلت من تداعياتها ووضعتها في سياق الدعاية الداخلية الأميركية على أبواب السباق الانتخابي، وهو موقف تقاطع عنده كلّ من الرئيس حسن روحاني، ورئيس البنك المركزي عبد الناصر همتي؛ إذ عدّ الأول في اتصاله مع الثاني "التصرّفات الأميركية المناوئة لإيران غير ذات جدوى"، معتبراً إياها "استمراراً للخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه (الرئيس الأميركي، دونالد) ترامب، في انتهاكه للاتفاق النووي". ولفت إلى أن "الإدارة الأميركية تَصوّرت، ضمن تحليل خاطئ، أن هذا الحظر سيقوّض مقاومة الشعب الإيراني، ويضع العقبات في طريقه، إلّا أن مرور الوقت دلّ على أن هذا التحليل بعيد عن الواقع ولا يجدي نفعاً". أمّا همّتي فرأى أن "الحظر الأميركي الأخير على ما تَبقّى من البنوك الإيرانية يرمي إلى أهداف دعائية وسياسية للاستهلاك المحلي الأميركي أكثر من التأثير الاقتصادي"، مُذكّراً في البيان الذي أصدره بأنهم "من خلال بعض الأساليب والمسارات، لم يسمحوا حتى الآن بحصول شحّ في مستلزمات البلاد الإنسانية، على رغم العقبات التي كانت تعترضهم"، واعداً بأن "يبذل قصارى جهوده من أجل أن لا يحصل هذا الأمر في المستقبل".
على أن اللافت أن الموقف الألماني جاء متطابقاً مع ما أعلنه ظريف؛ إذ رأت وزارة الخارجية الألمانية أن "العقوبات الأميركية الجديدة على إيران تزيد من تعقيد عمليات الاستيراد للأغراض الإنسانية"، لافتةً إلى أن "القناة الإنسانية للتجارة مع إيران لها أهمية بالغة، ولا سيما في ظلّ تأثّر البلاد الشديد بفيروس كورونا". وجدّدت برلين تأكيدها أنها "لا تشارك الإدارة الأميركية سياسة الضغط القصوى على إيران"، إلى جانب أنها "تعرب باستمرار عن معارضتها لتطبيق تلك السياسة من طرف واشنطن".
الجدير ذكره أن قرار العقوبات الأميركي الجديد على إيران جاء بعد أيام من إعلان المتحدّث باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتيجا، استعداد بلاده لتقديم المساعدة لإيران في ظلّ تفشّي فيروس كورونا في البلاد، الأمر الذي ردّت عليه طهران بدعوة واشنطن إلى "مطالبة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عندها بالسماح لكوريا الجنوبية بتحويل دولارات إيران المحجوزة لديها إلى سويسرا"، معتبرةً على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن "عروض أميركا في هذا المجال هي عروض فارغة".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا