خرجت «منظمة التعاون الإسلامي»، في ختام اجتماعها الطارئ الذي عقد في جدة، أمس، ببيان إدانة لإحراق بعثات دبلوماسية سعودية في إيران، خلال الاحتجاجات التي جرت ضد الرياض، و«التصريحات الإيرانية التحريضية» و«تدخلات» طهران في شؤون دول المنطقة و«استمرار دعمها الإرهاب». إلا أن البيان الصادر عن الاجتماع قوبل برفض من قبل الوفد الإيراني وبـ«نأي بالنفس» لبناني، وأيضاً بتحفظ جزائري من الفقرة المتعلقة بتأييد السعودية في خطوة قطع العلاقات مع طهران.
وأعلنت «منظمة التعاون الإسلامي»، في بيان، أن الاجتماع «يدين الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد والتي تُشكل خرقاً واضحاً» للاتفاقيات والقوانين الدولية، التي «تحمي حرمة البعثات الدبلوماسية وتفرض الحصانة والاحترام للبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى أية دولة بوضوح ملزم للجميع».
وأضاف البيان أن مجلس وزراء خارجية دول المنظمة «يرفض ويدين التصريحات الإيرانية التحريضية في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في المملكة العربية السعودية، ويعتبر ذلك تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة»، وذلك في إشارة إلى الانتقادات الإيرانية لإعدام الرياض رجل الدين السعودي نمر باقر النمر.
كذلك، أدانت المنظمة في بيانها «تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء، ومنها البحرين واليمن وسوريا والصومال، واستمرار دعمها للإرهاب».
لكن المنظمة لفتت الانتباه إلى أن الوفد الإيراني إلى الاجتماع رفض هذا البيان، فيما أعلن الوفد اللبناني أنه «ينأى بنفسه» عنه، بينما تحفّظ الوفد الجزائري من الفقرة المتعلقة بتأييد السعودية في خطوة قطع العلاقات مع طهران لأنها في نظر الجزائر «تخضع للقرارات السيادية، وبالتالي ليس على اجتماع متعدد الأطراف أن يتخذ موقفاً بشأنها».
يأتي ذلك في وقت صرح فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن «السعوديين يعيشون وَهْمَ أن بإمكانهم حذف إيران من معادلات المنطقة، بدعم من حلفائهم الغربيين».
وفي حديث إلى شبكة «سي ان ان»، قال ظريف: «من المؤسف أن الحقيقة هي أن عدم الاستقرار في منطقتنا ناشئ من الخشية لدى السعودية، التي تعتقد بأنه بعد إطاحة صدام والربيع العربي»، معرباً في الوقت ذاته عن اعتقاده بأن «إيران والسعودية بإمكانهما أن يصبحا لاعبين مهمين في المنطقة، يكمل أحدهما الآخر».
إلا أن ظريف اعتبر أن «السعوديين توجسوا كثيراً من الفرصة التي أتيحت لتسوية الأزمات بين طهران والغرب»، مؤكداً أن «التحالف بين السعودية والغرب والتوتر الحاصل في المنطقة، أعطى الفرصة للسعودية لتصدير الفكر الوهابي المتطرف». ورأى أن «الفكر الوهابي، هو المتهم الرئيسي لغالبية أعمال العنف التي يرتكبها المتطرفون في المنطقة والغرب».
من جهة أخرى، أشار وزير الخارجية الإيراني إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، أخيراً، على بعض الأشخاص والشركات الإيرانية، بسبب البرنامج الصاروخي، مؤكداً أن «القرار الأميركي لا يستند إلى الحقائق، وغير قانوني». وقال: «أنا أطلق على هذا الإجراء أنه نوع من الإدمان الذي يستخدمه البعض في الولايات المتحدة لفرض الحظر والضغوط»، مضيفاً أن «على واشنطن أن تدرك، للأبد، أن الحظر لا يجدي نفعاً مع إيران، بل الاحترام والحوار هو الحل الدائم».
إلى ذلك، عادت قضية تدافع منى إلى الواجهة، مع تأكيد رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية سعيد أوحدي أن الشرطة السعودية قامت بغلق طريقي «سوق العرب» و«الجوهرة»، وأجبرت الحجاج الإيرانيين على المرور في شارع 204، قبل الحادثة التي وقعت خلال موسم الحج الأخير.
وأشار، في كلمة له أمام ملتقى تكريم عوائل ضحايا كارثة منى في محافظة مازندران (شمال إيران)، إلى أنه «أوفدنا 20 فريقاً إلى محل الحادث، ولم نكن نتوقع أن يتجاوز عدد الضحايا 7 آلاف شخص»، مضيفاً أن «كافة الفرق أعلنت، بعد عودتها، أن الجيش السعودي قد دخل على خط الكارثة، وتبيّن أن عدد الضحايا تجاوز تصوراتنا».
وأشار إلى أنّ 25 شاحنة نقلت جثث الضحايا إلى البرادات، موضحاً أنه «كان يجب علينا البحث بين 7 آلاف و700 جثة عن 461 جثة للحجاج الإيرانيين».